الأزواج المختلفة الشتى ، أزواج الإنس والبهائم والأشجار ، وكلما خلقه زوجا من الأصول والثمار ، فأقسم بما خلق به جميع خليقته ، من قدرته وحكمته ومنه ورحمته.
وقد قال غيرنا : إن تأويل ( وما خلق )، هو ومن خلق (1)، يريدون أن القسم كان بالله ، جل ثناء الله ، وليس والله أعلم ذلك ، في القسم كذلك ؛ لأن الله تبارك وتعالى أقسم بالليل والنهار فقدمهما في قسمه ، ولو كان تأويل ما خلق : هو ومن خلق لبدأ ، الله في القسم باسمه لجلاله وذكره ، وعظم اسمه وكبره ، ولكنه إن شاء الله كما قلنا.
ثم قال سبحانه : ( إن سعيكم لشتى )، فجعل عملهم متفرقا متشتتا ، لأن عمل المتفرقين ، من المبطلين والمحقين ، بر وفجور ، وصدق وزور ، فهو كله شتى متفرق ، هذا باطل في نفسه وهذا حق ، أما تسمع كيف يقول الله سبحانه في تشتته ، وتباينه في الدنيا والآخرة وتفاوته : ( فأما من أعطى واتقى (5) وصدق بالحسنى (6) فسنيسره لليسرى (7)) ، فإعطاؤه هو لما يجب من الحقوق عليه ، واتقاؤه فهو فيما أمر بالتقوى لله [فيه] ، ( وصدق بالحسنى )، فهو : تصديقه بأن سيجزى.
وتأويل ( فسنيسره لليسرى )، فهو : سنصيره من الكرامة والثواب إلى ما سيراه عند موته وفي حشره ، وما سيعاينه في الموت والحشر من أمره.
وتأويل ( وأما من بخل واستغنى )، بما يراه عند نفسه غنى (2) من ماله وكسبه ، وبخل منه به عن ربه ، ( وكذب بالحسنى ) فتكذيبه بالحسنى ، هو تكذيبه بما وعد الله أهل التقوى.
وتأويل ( فسنيسره لليسرى )، هو : سنصيره من الإهانة والعقاب إلى ما سوف يرى
وتأويل ( وما يغني عنه ماله )، فهو وما ينفعه في الغناء ماله ، ( إذا
पृष्ठ 115