وتأويل رؤية الله فهو علم الله بنهي من ينهى ، عبدا إذا صلى ، فما بالهم ينهون محمدا صلى الله عليه وآله ، وأصحابه عن الصلاة ، وعما لم يزل يأمر به من التقوى ، أهل البر والرشد من الهدى ، مع علم من ينهى عن ذلك ويقينه ، بأن الله علم بنهيه عن ذلك وغيره ، فلما أصر الناهي عن ذلك على ظلمه فيه وكفره ، مع ما أيقن به من علم الله بأمره ، فيه كله وأقر (1)، قال سبحانه : ( كلا لئن لم ينته ) عما هو فيه ، وعما أصر من ظلمه عليه ، ( لنسفعا ) وتأويل ( لنسفعا ) فهو : لنأخذن ( بالناصية (15) )، والناصية : فهي مقدم الرأس العالية.
ثم قال سبحانه : ( ناصية كاذبة خاطئة (16)) ، إذ كانت عما لا يجوز النهي عنه عندها من الصلاة والتقوى لله ناهية ، فكذبت قولها في ذلك بفعلها ، وأخطأت بنهيها عنه فيه بجهلها ، فهي كما قال الله سبحانه : ( كاذبة خاطئة ) وهي لله مخالفة في ذلك عاصية ، يقول الله سبحانه فإذا أخذنا منه بالناصية ، ( فليدع )، إن استجيب له حينئذ ( ناديه ) (17)، وناديه فهم (2) عشيرته وأولياؤه ، وأنصاره وجلساؤه ، الذين كانوا يجلسون في مقامه وإليه ، ويجتمعون لمجالسته ونصرته لديه ، ( سندع الزبانية (18)) ، والزبانية فهم الملائكة المطهرة الزاكية ، التي يأمرها الله سبحانه بأمره فتنفذ ما أمرها الله به مطيعة لله غير عاصية ، وآخذة لما أمرها الله سبحانه بأخذه غير وانية ، تأخذ بالغلظة والشدة ، كل نفس عاتية متمردة ، كما قال سبحانه : ( عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (6)) [التحريم : 6].
ثم قال سبحانه لرسوله : ( كلا لا تطعه )، يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وآله : لا تطع من نهى عن الصلاة والهدى ، وعن الأمر لله بالتقوى ، وكذب فعمل بالكذب ، ولكن اسجد واقترب ، بكل عمل صالح مقرب ، من صلاة أو هدى ، أو بر وتقوى ، فكلهم يقر بأن الهدى والصلاة لله ، والأمر باتقاء الله مقرب لمن فعله إلى الله ، فليس لهم أن ينهوا عن شيء من ذلك ، إذا كان عندهم كذلك ، ومن يفعل ذلك أو عمل به فقد كذب فيه قوله بفعله ، وصار إلى ما لا مرية فيه عنده من جهله ، وتولى
पृष्ठ 107