وتأويل ( كيدهم )، فهو إرادة مريدهم ، والإكادة : فهي الإرادة ، كما قال الشاعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة
لو لا الوشاة بأن نكون جميعا
وذلك أن أصحاب الفيل كادوا ، ومعنى ذلك : هو أرادوا ، أن يخربوا الكعبة ، ويجعلوها متهدمة خربة ، لأن العرب خربت كنيسة كانت يومئذ للحبشة ، وكان يومئذ فيهم وملك عليهم رجل من العرب من أهل اليمن يقال له : أبرهة بن الصباح ، وكان يدين دينهم ، فهو الذي بعثهم ، فأرسل الله سبحانه على أصحاب الفيل كما قال تبارك وتعالى : ( طيرا أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5)) ، لا يصيب حجر منهم أحدا إلا قتله وأهلكه (1)، ولم يكن له بقاء معه ولا بعده ، والطير الأبابيل فهي الطير الكبير الأراعيل (2)، التي تأتي من كل جهة ، ولا تأتي من ناحية واحدة ، والسجيل : فهو فيما يقال : الطين ، المستحجر الصلب الذي ليس فيه لين ، فهو لا يقع على شيء إلا حطمه ، وفته وهشمه ، وجعله كما قال الله سبحانه كالعصف المأكول ، والعصف : فهو عاصفة قصب الزرع البالي المدخول (3)، الذي قد دخل وأكل ، وتناثر وتهلهل ، والمأكول منه فهو الذي لا جوف له ، والذي قد أنهت جوفه كله (4).
وقوله تعالى : ( ترميهم بحجارة من سجيل ) معناه من حجر وطين ، ويقال : السجيل : الشديد وكانت تحمل الحجارة في أظافيرها ومناقيرها ، أكبرها مثل الحمصة ، وأصغرها مثل العدسة ، فترسل ذلك
पृष्ठ 86