وقال السجاوندي: جوابه محذوف تقديره فاتبعوه. " انتهى ".
وذهل عن أنه لا يحذف الجواب ألا ويكون فعل الشرط ماضي اللفظ أو منفيا بلم وعن الكسائي جواب الشرطين معا فلا خوف، ونصوص المعربين والمفسرين على أن من في. " فمن تبع " شرطية ويجوز عندي أن تكون موصولة بل يترجح لقوله في قسمه.
{ والذين كفروا وكذبوا } فأتى به موصولا ودخول الفاء على الجملة الخبرية جائز هنا قرىء هداي بسكون الياء وهدي وهي لغة هذلية. وقرىء فلا خوف بالفتح في جميع القرآن وبالرفع من غير تنوين خوف لكثرة الاستعمال أو على نية أل وبالرفع والتنوين عادل بين دخولها على مبتدأ أولا وآخرا.
(وقال) ابن عطية: والرفع على أعمالها أعمال ليس ولا يتعين ما قاله لأن أعمالها ليس قليل جدا وينبغي أن لا ينقاس ولأنه يزول التعادل فلا خوف عليهم نزل المعنى منزلة الجرم وقدم انتفاء الخوف على انتفاء الحزن لأن انتفاء الخوف فيما هو آت آكد من انتفاء الحزن على ما فات ولذلك أبرزت جملة مصدرة بالنكرة التي هي أوغل في باب النفي وأبرزت الثانية مصدرة بالمعرفة. وفي قوله:
{ ولا هم يحزنون } ، إشارة إلى اختصاصهم بانتفاء الحزن وإن غيرهم يحزن والظاهر عموم نفي الخوف والحزن عندهم لكن يختص ذلك بما بعد الدنيا لأنه قد يلحق المؤمن الخوف والحزن في الدنيا فلا يمكن الحمل على العموم.
{ والذين كفروا } قسيم لقوله: { فمن تبع هداي } ، وهو أبلغ من قوله: " ومن لم يتبع هداي " ، وإن كان التقسيم اللفظي يقتضيه لأن نفي الشيء يكون بوجوه عدم القابلية بخلقه أو غفلة أو تعمد تركه فأبرز القسم في صورة ثبوتية مزيلة للاحتمال الذي يقتضيه النفي. { وكذبوا بآيتنآ } معين أنه يراد بالكفر هنا الشرك لا كفر النعمة ولا كفر المعصية والتكذيب بالآيات يدل على أنه بالكتب الالهية والاخبار الربانية لأن محل التصديق والتكذيب هو الخبر. { أولئك } مبتدأ وجوز أن يكون عطف بيان وبدلا. فيكون { أصحب } خبرا والذين. و { هم فيها } خبر ثان لأولئك وتفسير وتبيين أن الصحبة أريد بها الملازمة لا مجرد الاقتران بل الخلود الدائم وحذف من القسيم الأول ذكر كونه في الجنة وعبر بانتفاء الخوف والحزن وحذف من الثاني لحاق الخوف والحزن وعبر بخلوده في النار.
[2.40-41]
" إسرائيل " اسم أعجمي ممنوع من الصرف وهو مركب، قيل: من اسرا: وهو العبد، وآيل: اسم الله تعالى. وعن من قال باشتقاقه أقوال وفي كيفية النطق به لغات إسرائيل واسراييل واسراءل واسرأل وتقول في جمعه اساريل وحكي اسارل وأسار له وأقبل عليهم بالنداء هزالهم لسماع ما يلقى إليهم وهم اليهود والنصارى وهذا أول افتتاح الكلام معهم. والذكر باللسان وبضم الذال ما كان بالقلب وإضافتهم إلى إسرائيل وهو يعقوب على نبينا وعليه السلام تنبيه لهم على اتباعه في الخير. والنعمة: اسم للشيء المنعم به فالنداء والأمر لبني إسرائيل الذين هم بحضرته عليه السلام بالمدينة وما والاها ويتنزل غيرهم في ذلك منزلتهم والوصف بالتي { أنعمت عليكم } مشعر بسبق علمهم، إياها وتعظيم لها إذ اسندها إلى ذاته في قوله: نعمتي وأنعمت ونعمه تعالى عليهم كثيرة وأعظمها الكتاب الالهي من التوراة والانجيل المبشرة بنوبة محمد صلى الله عليه وسلم.
{ وأوفوا بعهدي } يقال أوفى ووفى ووفى والعهد هو ما كانوا يذكرون من إيمانهم بالرسول المبعوث في زمانهم إذ كانوا يستفتحون به كما أخبر تعالى فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به.
{ أوف بعهدكم } وهو ترتيب إنجاز ما وعدهم على ذلك، الإيفاء سماه عهدا على سبيل المقابلة أبرزه في صورة المشروط الملتزم به والمصدران مضافان للمفعول. وقرىء أوف من وفي مشددا وانجزم أوف على جواب الأمر وهل ضمن الأمر معنى الشرط فانجزم أو نابت عن الشرط إن حذفت جملته قولان. والرهب الخوف وانتصب إياي بفعل محذوف تقديره وإياي ارهبوا وقدره السجاوندي قبله قال وارهبوا إياي وهو وهم منه لانفصال الضمير وناسب النصب لأن قبله أمر ولأنه آكد إذا برز في قالب جملتين.
अज्ञात पृष्ठ