{ ذلك بما قدمت أيديكم } الإشارة إلى ما تقدم من عقابهم ونسب ما قدموه من المعاصي القولية والفعلية والاعتقادية إلى الأيدي على سبيل التغليب لأن الأيدي تزاول أكثر الأعمال فكان كل عمل واقع بها. وهذه الجملة داخلة في المقول وبخوا بذلك وذكر لهم السبب الذي أوجب لهم العقاب.
{ وأن الله ليس بظلام للعبيد } هذا معطوف على قوله: { بما قدمت أيديكم } ، أي ذلك العقاب حاصل بسبب معاصيكم وعدل الله فيكم وجاء لفظ ظلام الموضوع للتكثير وهذا تكثير بسبب المتعلق.
[3.183-185]
{ الذين قالوا } نزلت في جماعة من اليهود فيهم كعب بن الأشرف وعهد بمعنى أوصى. والظاهر أن القربان هو ما يتقرب به إلى الله تعالى، وزعموا أن هذا العهد في التوراة. وقيل: هو من كذبهم على الله.
قال ابن عطية: وقرأ عيسى بن عمر بقربان بضم الراء اتباعا لضم القاف. وليس بلغة لأنه ليس في الكلام فعلان بضم الفاء والعين. وحكى سيبويه السلطان بضم اللام وقال: إن ذلك على الاتباع. " انتهى ". لم يقل سيبويه ان ذلك على الاتباع بل قال: ولا نعلم في الكلام فعلان ولا فعلان ولا شيئا من النحو لم نذكره ولكنه جاء فعلان وهو قليل قالوا السلطان وهو اسم. " انتهى ". وقال الشارح صاحب هذه اللغة لا يسكن ولا يتبع. " انتهى ". والظاهر من هذه الآية والتي قبلها ان ذلك من فعل أسلافهم ألا ترى إلى قوله:
وقتلهم الأنبياء
[آل عمران: 181]. وقوله: { قل قد جآءكم رسل... } إلى آخر الآية، والمعاصرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود لم يقتلوا الأنبياء ولا جاءتهم رسل غير محمد صلى الله عليه وسلم ويظهر ما قلناه في قوله تعالى: { فلم قتلتموهم } وإنما هذا كله من فعل أسلافهم فوبخوا بذلك لرضاهم بما صدر من أسلافهم. { فإن كذبوك } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجواب الشرط محذوف تقديره فتسل بما صدر للرسل من تكذيبهم قبلك وما وجد من كلام المعربين أن جواب الشرط هو قوله: فقد كذب، إنما هو صلى سبيل المجاز لأن الماضي حقيقة لا يكون جوابا للشرط المستقبل، ومعنى بالبينات: بالمعجزات الواضحة.
{ والزبر } جمع زبور وهو الكتاب. يقال: زبره أي كتبه وقد يكون مشتقا من الزبر وهو الزجر. والجمع يدل على الكثرة، ويعني به الكتب الإلهية.
{ والكتاب المنير } القرآن. الظاهر أنه التوراة إذ هو أكبر الكتب المنزلة على بني إسرائيل وفيه تبيين شريعتهم. وقرىء وبالزبر وبالكتاب بالباء فيهما. وقرىء بتركهما.
{ كل نفس ذآئقة الموت } تضمنت هذه الجملة وما بعدها الوعظ والتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدنيا وأهلها والوعد بالنجاة في الآخرة إذ بذكر الموت والفكرة فيه يهون ما يصدر من الكفار من تكذيب وغيره. ولما تقدم ذكر المكذبين الكاذبين على الله تعالى من اليهود والمنافقين وذكر المؤمنين نبهوا كلهم على أنهم ميتون وما لهم إلى الآخرة، ففيها يظهر الناجي والهالك، وإن ما تعلقوا به في الدنيا في مال وأهل وعشيرة إنما هو على سبيل التمتع المغرور به كلها تضمحل وتزول ولا يبقى إلا ما عمله الانسان فهو يوفاه في الآخرة يوفى على طاعته ومعصيته.
अज्ञात पृष्ठ