{ ذلكم الشيطان } ظاهره الإشارة إلى مفرد ويكون على حذف مضاف إي فعل الشيطان. وإنما نسب إليه وأضيف لأنه ناشىء عن وسوسته وإغوائه وإلقائه.
{ يخوف أولياءه } فيه محذوفان مفعول وحرف جر والتقدير يخوفكم بأوليائه كما جاء ذلك المحذوفان مصرحا بهما في قوله:
يخوف الله به عباده
[الزمر: 16].
قال الزمخشري: الشيطان خبر ذلكم، بمعنى إنما ذلكم التثبيط هو الشيطان ويخوف أولياءه جملة مستأنفة بيان لشيطنته أن الشيطان صفة لاسم الاشارة ويخوف الخبر والمراد بالشيطان نعيم أو أبو سفيان. " انتهى " فعلى تقدير القول تكون الجملة لا موضع لها من الاعراب، وإنما قال والمراد بالشيطان نعيم أو أبو سفيان لأنه لا يكون صفة، والمراد به إبليس لأنه إذا أريد به إبليس كان إذ ذاك علما بالغلبة إذ أصله صفة كالعيوق ثم غلب على إبليس كما غلب العيوق على النجم الذي ينطلق عليه.
قال ابن عطية: وذلكم في الإعراب ابتداء، والشيطان مبتدأ آخر، ويخوف أولياءه خبر عن الشيطان، والجملة خبر الابتداء الأول، وهذا الاعراب خير في تناسق المعنى من أن يكون الشيطان خبر ذلكم لأنه يجيء في المعنى استعارة بعيدة. " انتهى ". هذا الذي اختاره إعراب لا يجوز إذا كان الضمير من أولياءه عائدا على الشيطان لأن الجملة الواقعة خبرا عن ذلكم ليس فيها رابط يربطها بقوله: ذلكم، وليست نفس المبتدأ في المعنى نحو قولهم: هجير أبي بكر لا إله إلا الله، وإن كان عائدا على ذلكم ويكون ذلكم خبرا عن الشيطان جاز وصار نظير إنما هند زيد يضرب غلامها، والمعنى إذا ذاك إنما ذلكم الركب أو أبو سفيان الشيطان يخوفكم أولياءه أي أولياء الركب أو أبي سفيان.
{ ولا يحزنك } الآية. قرىء يحزنك مضارع حزن ويحزنك ومضارع أحزن. والذين كفروا عام في كل من يسارع في الكفر. وقرىء يسرعون مضارع أسرع.
{ ولا يحسبن الذين كفروا } الآية إنما احتملت ما أن تكون موصولة اسم ان والخبر خبر، واحتمل أن تكون ما مصدرية فيكون ذلك المصدر اسم ان وخبر ان خبر فعلي، التقدير الأول: يكون معناه أن الذي نمليه خير وحذف الضمير من نمليه وهو عائد على الذي، وعلى التقدير الثاني: يكون ان املأنا خير وسدت ان مسد مفعولي يحسبن. ومعنى نملي: نمهل ونمد في العمر. والملاوة: المدة من الدهر. والملوان: الليل والنهار. وقراءة الجمهور: ولا يحسبن بالياء فيكون الذين كفروا فاعلا وعلى هذه القراءة يخرج ذانك الاعرابان. وقرأ حمزة ولا تحسبن بالتاء، والذين كفروا مفعول أول ولا يكون ما بعده مفعولا ثانيا لأن المعنى لا يكون الذات فخرج على أن يكون الذين على حذف مضاف تقديره ولا تحسبن شأن الذين كفروا ان كان الحذف في الأول وعلى حذف بعد الذين كفروا تقديره أصحاب إنما نملي لهم.
وخرج ابن الباذش هذه القراءة على إنما نملي بدل من الذين ويكون المفعول الثاني محذوفا وتقديره ولا تحسبن الذين كفروا خيرية املائنا لهم كائنة أو واقعة وعلى البدل خرجه الزمخشري وتقدمها إلى ذلك الكسائي والفراء. وقرىء خيرا بالنصب، فيكون إنما نملي لهم بدلا من الذين والتقدير ولا تحسبن املاءنا للكفار خيرا لأنفسهم. وقرأ يحيى بن وثاب ولا يحسبن بالياء وإنما نملي بالكسر فإن كان الفعل مسندا للنبي صلى الله عليه وسلم فيكون المفعول الأول الذين كفروا ويكون إنما نملي لهم جملة في موضع المفعول الثاني وإن كان مسندا للذين كفروا فيحتاج تحسبن إلى مفعولين فلو كانت إنما مفتوحة سد مسد المفعولين، ولكن يحيى قرأ بالكسر فخرج ذلك على التعليق فكسرت ان وان لم تكن اللام في خبرها والجملة المعلق عنها الفعل في موضع مفعولي يحسبن وهو بعيد لحذف اللام ونظير تعليق الفعل عن العمل مع حذف اللام من المبتدأ قول الشاعر:
اني وجدت ملاك الشيمة الأدب
अज्ञात पृष्ठ