[3.160-164]
{ إن ينصركم الله فلا غالب لكم } هذا التفات إذ هو خروج من غيبة إلى خطاب ولما أمره تعالى بمشاورتهم وبالتوكل عليه أوضح أن ما صدر من النصر أو الخذلان إنما هو راجع إلى ما يشاء، وإنه متى نصركم لا يمكن أن يغلبكم أحد، ومتى خذلكم فلا ناصر لكم، فما وقع لكم من النصر كيوم بدر أو من الخذلان كيوم أحد بمشيئته سبحانه وتعالى، ثم أمرهم بالتوكل وناط الأمر بالمؤمنين فنبه على الوصف الذي يناسب معه التوكل وهو الإيمان، لأن المؤمن مصدق بأن الله هو الفاعل المختار بيده النصر والخذلان، والتوكل على الله من فروض الإيمان ولكنه يقترن بالتشمير في الطاعة والحزامة بغاية الجهد ومعاطاة أسباب التحرز وليس الإلقاء باليد والإهمال لما تجب مراعاته بتوكل، وإنما هو كما قال عليه السلام: قيدها وتوكل. والضمير في من بعده عائد على الله تعالى أما على حذف مضاف أي من بعد خذلانه وإما أن لا يحتاج إلى تقدير هذا المحذوف؛ بل يكون المعنى إذا جاوزته إلى غيره وقد خذلك فمن ذا الذي تجاوزه إليه فينصرك.
وجاء جواب أن ينصركم الله بصريح النفي العام وجواب أن يخذلكم بمتضمن النفي وهو الاستفهام وهو من تنويع الكلام في الفصاحة والتلطف بالمؤمنين حتى لا يصرح لهم بأنه لا ناصر لهم بل أبرز ذلك في صورة الاستفهام الذي يقتضي السؤال عن الناصر؛ وإن كان المعنى على نفي الناصر لكن الفرق بين الصريح والمتضمن فلم يجر المؤمنين في ذلك مجرى الكفار الذين نص عليهم أنه لا ناصر لهم كقوله تعالى:
أهلكناهم فلا ناصر لهم
[محمد: 13].
{ وما كان لنبي أن يغل } قال ابن عباس: فقد قطيفة حمراء من المغانم يوم بدر فقال بعض: من كان مع النبي لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، فنزلت. وقائل ذلك مؤمن لم يظن في ذلك حرجا. وقيل: منافق. والغلول: أخذ المال من الغنيمة في خفاء. وقرىء أن يغل مبنيا للفاعل ويكون على حذف مضاف تقديره وما كان لتابع نبي أن يغل. وقرىء أن يغل مبنيا للمفعول من غل أو من أغل.
{ يأت بما غل } ظاهره أنه يأتي بعين الشيء الذي غله كما جاء في ظاهر الحديث أنه إن كان بعيرا جاء له رغاء أو بقرة لها خوارا أو شاة بيعر، وقيل يأتي حاملا أثم ما غل.
{ أفمن اتبع رضوان الله } هذه استعادة بديعة جعل ما شرعه الله كالدليل الذي يتبعه من يهتدي به وجعل العاصي كالشخص الذي أمر بأن يتبع شيئا فنكص عن اتباعه ورجع مصحوبا بما يخالف الاتباع وفي الآية من حيث المعنى حذف والتقدير أفمن اتبع ما يؤول به إلى رضا الله عنه فباء برضاه كمن لم يتبع ذلك فباء بسخطه.
{ هم درجت } الضمير في هم عائد على من اتبع على المعنى لأنه المحدث عنه. والتقدير وهم ذو درجات، والدرجة: ما يتوصل به إلى مكان علو وأكثر ما يستعمل في الشيء الذي يتوصل منه إلى العلو الحسي ولذلك جاء
نرفع درجت من نشآء
अज्ञात पृष्ठ