261

तफ़्सीर नहर मद्द

النهر الماد

शैलियों

{ إن أول بيت } الآية مناسبتها لما قبلها انه لما أمر باتباع ملة إبراهيم وهو الذي كان ملته حج هذا البيت أخذ في ابتداء أمره من بنائه الى منتهاه وظاهر قوله: أول بيت، وضع للناس هو في بنائه لعبادة الله تعالى فذكر الشريف أبو البركات الجواني النسابة إن شيث بن آدم عليهما السلام هو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة على موضع الخيمة التي كان الله وضعها لآدم من الجنة وأول نكرة، فخصصت بالاضافة وبالصفة فحسن الاخبار عنها بالموصول وهو معرفة وتقديره للبيت الذي ببكة وأكدت النسبة بأن وباللام. وبكة قيل مكة والباء والميم قد يتعاقبان. وقيل: اسم لبطن مكة والباء ظرفية.

و { مباركا } حال في الضمير الذي هو في الحقيقة صلة للموصول تقديره الذي استقر في بكة مباركا.

[3.97-103]

{ فيه ءايت بينت } أي علامات واضحات منها مقام إبراهيم الحجر الذي قام عليه والحجر الأسود والحطيم وزمزم وأمن الخائف وهيبته وتعظيمه في قلوب الناس وأمر الفيل ورمى طير الله عنه بحجارة السجيل وكف الجبابرة على وجه الدهر وإذ عان نفوس العرب لتوقير هذه البقعة دون ناه ولا زاجر وجباية الأرزاق إليه وهو بواد غير ذي زرع وحمايته من السيول ودلالة عموم المطر إياه من جميع جوانبه على خصب آفاق الأرض فإن كان المطر من جانب أخصب الأنف الذي يليه وارتفع آيات على الفاعلية بالجار والمجرور التقدير كائنا فيه آيات والضمير في فيه عائد على البيت وذلك على سبيل الاتساع إذ الآيات التي تقدم ذكرها كائنة في البيت وفي الحرم الذي فيه البيت.

قال الزمخشري: فإن قلت كيف أجزت أن يكون مقام إبراهيم دالا من عطف بيان الآيات وقوله: { ومن دخله كان آمنا } جملة مستأنفة اما ابتدائية وإما شرطية قلت: أجزت ذلك من حيث المعنى لأن قوله: { ومن دخله كان آمنا } دل على أمن داخله فكأنه قيل فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن داخله ألا ترى أنك لو قلت فيه آية بينة كان في معنى قولك فيه آية بينة أمن من دخله " انتهى ".

وليس ما ذكره بواضح لأن تقديره وأمن داخله هو مرفوع عطفا على مقام إبراهيم وفسر بهما الأيات والجملة من قوله: { ومن دخله كان آمنا } لا موضع لها من الإعراب فتدافعا إلا أن اعتقد أن ذلك معطوف على محذوف يدل عليه ما بعده فيمكن التوجيه، فلا يجعل قوله: { ومن دخله كان آمنا } في معنى وأمن داخله إلا من حيث تفسير المعنى لا تفسير اللفظ والإعراف ولم يذكر الزمخشري في إعراب مقام إبراهيم إلا أنه عطف بيان لقوله: { ءايت بينت } ورد عليه ذلك لأن آيات نكرة ومقام إبراهيم معرفة ولا يجوز التخالف في عطف البيان وقوله: مخالف لإجماع الكوفيين والبصريين فلا يتلتف إليه وحكم عطف البيان عند الكوفيين حكم النعت فتتبع النكرة والمعرفة المعرفة وقد تبعهم في ذلك أبو علي الفارسي . وأما عند البصريين فلا يجوز إلا أن يكونا مقرنين ولا يجوز أن يكونا نكرتين وما أعربه الكوفيون ومن وافقهم عطف بيان وهو نكرة على النكرة قبله أعربه البصريون بدلا ولم يقم لهم دليل على تعيين عطف البيان في النكرة وكل من وقفنا على كلامه جعل مقام إبراهيم تابعا لآيات على توضيح كثرتها في المقام منها تأثير قدميه في حجر صلد وغوصه فيه إلى الكعبين وإلانة بعض الحجر دون بعض وإبقاؤه دون سائر آيات الأنبياء عليهم السلام وحفظه مع كثرة أعدائه من المشركين ألوف سنين، والذي اخترناه في إعرابه في الكتاب الكبير البحر الذي هو مختصره أن يكون ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدها مقام إبراهيم أو يكون ارتفاعه على أنه مبتدأ محذوف الخبر تقديره منها مقام إبراهيم والذي اختاره الآن أنه ليس متعلقا بقوله: آيات بينات، ولا تفسيرا لها لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، بل هو عندي بدل أو عطف بيان من الموصول الذي هو خبر ان وكأنه قيل: ان أول بيت موضع للناس لمقام إبراهيم.

{ ومن دخله كان آمنا } من شرطية أو موصولة وتكلفوا عطف هذه الجملة على قوله مقام إبراهيم تكلفا بعيدا والذي أذهب إليه أنه إخبار من الله تعالى بفضل هذا البيت والحرم وأمن من دخله كما قال تعالى:

أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم

[العنكبوت: 67] فذكر تعالى امتنانه عليهم بأمن من دخل هذا الحرم الشريف، وظاهر الآية أنها مذكرة للعرب بما كانوا عليه في الجاهلية من احترام هذا البيت وأمن من دخله من ذوي الجرائر وكانت العرب يغير بعضها على بعض ويتخطف الناس بالقتل وأخذ الأموال وأنواع الظلم إلا في الحرم.

{ ولله على الناس حج البيت } هذه الآية دليل على فرض الحج وجاء بعلى الدالة على الاستعلاء وجاء متعلقا بالناس بلفظ العموم ثم بلفظ الخصوص بقوله: من استطاع، وقرىء: حج بكسر الحاء وفتحها.

अज्ञात पृष्ठ