وقال له: لا حملنك على الأدهم مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب. أراد من كان على صفة الأمير من السلطان والقوة وسط اليد، ولم يقصد أحدا يجعله مثلا الحجاج. " انتهى ". وقد فسر هو المثلية: في كونه بشرا عربيا أميا لم يقرأ الكتب. فقوله لا مثل ولا نظير ليس بظاهر لأن المماثل في هذا الشيء الخاص موجود ومن دون الله يحتمل أن يتعلق بشهداءكم أي ادعوا من اتخذتم آلهة من دون الله وزعمتم أنهم يشهدون لكم أنكم على الحق أو أعوانكم من دون الله أي من دون أولياء الله ومن تستعينون بهم دون الله أو يتعلق بادعوا أي وادعوا من دون الله أي لا تستشهدوا بالله فتقولوا الله يشهد ان ما ندعيه حق ولم يكتف في تعجيزهم بأن يعارضوه حتى أمرهم أن يدعوا شهداءهم فيستعينون بهم على ذلك وهو أمر تعجيز.
والظاهر أن { إن كنتم صدقين } في كونكم في ريب من المنزل على عبدنا، وجواب الشرط محذوف أي فأتواه
[2.24-27]
ولما كان الأمر أمر تهكم وتعجيز أخبر أنهم ليسوا قادرين على المعارضة بقوله: ولن تفعلوا. وجاء بلن وإن كان الغالب أنها تدخل على الممكن تهكما بهم على أنها ربما تدخل على الممتنع وعبر بالفعل عن الاتيان لأنه ما من شيء من الاحداث إلا يصح أن يعبر عنه بالفعل. وفي كتاب ابن عطية تعليل غريب لعمل لم الجزم. قال: وجزمت لم لأنها أشبهت لا في التبرئة في أنهما ينفيان وكما تحذف لا تنوين الاسم كذلك تحذف لم الحركة ولن تفعلوا إثارة لهممهم ليكون عجزهم بعد ذلك أبلغ وفيه دليل على إثبات النبوة إذ هو إخبار بالغيب ولم يقع من أحد معارضة أصلا ولن تفعلوا جملة اعتراض لا موضع لها من الإعراب.
وقال الزمخشري: واقتران الفعل بلن في هذه الجملة دون لا وان كانتا أختين في نفس المستقبل، لأن في لن توكيد أو تشديد أتقول لصاحبك لا أقيم غدا. فإن أنكر عليك قلت: لن أقيم غدا كما تفعل في أنا مقيم واني مقيم. " انتهى ".
وهذا مخالف لما حكي عنه أن لن تقتضي التأبيد فيما نفي. وقال ابن خطيب: زملكا لن تنفي ما قرب ولا يمتد النفي فيها وهذا يكاد يكون عكس قول الزمخشري وكون لن تقتضي التأكيد أو التأبيد أو نفي ما قرب أقوال متأخرين والرجوع ذلك لمستقرىء اللسان سيبويه ومن في طبقته قال سيبويه: لن نفي لقول سيفعل، ولا نفي لقول يفعل. " انتهى ". وهو نص على أنهما ينفيان المستقبل.
{ فاتقوا النار } جواب على الشرط الذي هو فإن لم تفعلوا وكني به عن ترك العناد لأن من عاند بعد وضوح الحق له استوجب العقاب بالنار واتقاء النار من نتائج ترك العناد. قيل وعرفت النار ووصفت بالتي وصلت لتقدم ذكرها في سورة التحريم إذ تلك الآية نزلت بمكة وهذه بالمدينة.
وقرىء { وقودها } على أن يراد به الذي توقد به. ووقودها - بضم الواو - وهو مصدر أي ذووا وقودها أو جعلوا المصدر مبالغة وحكي المصدر بالفتح أيضا وقرىء وقيدها أي موقودها.
{ والحجارة } يناسب أن تفسر بالأصنام لقوله تعالى:
إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم
अज्ञात पृष्ठ