ولعل فيها لغات ولم يجيىء في القرآن إلا أفصحها وهي للترجي والاطماع وذلك بالنسبة إلى المخاطبين والمعني إذا عبدتم ربكم رجوتم حصول التقوى وهي التي تحصل بها الوقاية من النار والفوز بالجنة فتعلقت جملة الرجاء باعبدوا. وذكر الزمخشري وابن عطية تعلقها بخلقكم والذي تؤدوا لأجله هو الأمر بالعبادة والموصول وصلته على سبيل المدح الذي تعلقت به العبادة فلم يجيىء الموصول ليحدث عنه بل في ضمن المقصود بالعبادة وأما صلته فلم يجيىء لإسناد مقصود إنما جيء بها لتتميم ما قبلها فلا يتعلق بها ترج بخلاف اعبدوا فإنها الجملة المفتتح بها أولا والمطلوبة من المخاطبين وإذا تعلقت باعبدوا ناسب خطاب لعلكم تتقون.
[2.22-23]
الذي جعل يجوز رفعه خبر مبتدأ محذوف ونصبه صفة لما قبله أو على القطع وأجيز رفعه على الابتداء والخبر.
{ فلا تجعلوا لله أندادا } وهو في نهاية الضعف لمضي الصلة فلا يناسب دخول الفاء في الخبر وللربط بالاسم الظاهر وهو لله فلا تجعلوا له وأجاز مكي رحمه الله أن ينتصب على أعني وليس بالتفسير فيحتاج إلى إضمار أعني وأن ينتصب بتتقون وهو إعراب تنزه القرآن عنه، والأحسن جعل جعل بمعنى صير، فينتصب فراشا وبناء على المفعول لا يمعنى خلق فينتصبان على الحال. ومعنى فراشا: تستقرون عليها. والفراش والمهاد والبساط والقرار والوطاء نظائر، والبناء مصدر يراد به المبني فهو تشبيه بما يفهم كقوله:
والسمآء بنيناها بأييد
[الذاريات: 47] شبهت بالقبة المبنية على الأرض. ومن السماء متعلق بانزل أو في موضع الحال فتتعلق بمحذوف إذ لو تأخر لكان صفة لما فيكون التقدير من مياه السماء ونكر ماء لأن المنزل لم يكن عاما فتدخل فيه أل.
{ فأخرج به } أي بالماء. والباء للسببية وهذه السببية مجاز، إذ هو تعالى قادر على أن ينشىء الأجناس وقد أنشأها من غير مادة ولا سبب ولكن لما وجد خلقه بعض الأشياء عنه أمر ما أجرى ذلك الأمر مجرى لسبب لا انه سببه حقيقة ومن للتبعبيض وأل في الثمرات لتعريف الجنس وجمع لاختلاف أنواعه ولا حاجة إلى ارتكاب أن الثمرات من باب الجموع التي يتعاور بعضها موضع بعض لاكتفائها في الجمعية نحو: كم تركوا من جنات وثلاثة قروء، فقامت الثمرات مقام الثمر أو الثمار كما ذهب إليه الزمخشري وأبعد من جعل من زائدة وأل في الثمرات للاستغراق لأن زيادة من في الواجب وقيل: معرفة انفرد بجوازه الأخفش ولأن من الثمرات ما لا يكون رزقا لنا فلا يصح الاستغراق واحتمل رزقا أن يكون كالطحن. فينتصب على الحال. وأن يكون مصدرا فيكون مفعولا من أجله وقرىء من الثمرة على التوحيد ولكم في موضع الصفة ان كان رزقا بمعنى المرزوق وفي موضع المفعول إن كان مصدرا وجوز أن يتعلق بأخرج. وقدم خلق الانسان لأنه أقرب إلى معرفته ثم بخلق الآباء ثم بالأرض لأنها أقرب إليه من السماء، وقدم السماء على نزول المطر وخروج الثمرات لأنه كالمتولد بين السماء والأرض؛ والأثر متأخر عن المؤثر. قال أبو عبيدة: النداء الضد وقيل: الكفؤ والمثل. ولما كانوا اتخذوا أندادا جاء النهي عن جعل أنداد لله تعالى على حسب الواقع. وهذه الجملة متعلقة بقوله: اعبدوا، أي فوحدوه وأخلصوا له العبادة لأن أصلها هو التوحيد. وقال الزمخشري: تتعلق بلعل على أن ينتصب تجعلوا انتصاب فأطلع في قوله
لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموت فأطلع
[غافر: 36-37] في رواية حفص عن عاصم أي خلقكم لكي تتقوا وتخافوا عقابه ولا تشبهوه بخلقه " انتهى ".
فعلى هذا لا تكون لا ناهية بل نافية. وتجعلوا منصوب على جواب الترجي ولا يجوز على مذهب البصريين وفي كلامه تعليق لعلكم تتقون بخلقكم على ما مر من مذهبه الاعتزالي ويجوز أن يكون متعلقا بالموصول وصلاته إذا جعلت. الذي خبر مبتدأ محذوف أي هو الذي جعل لكم هذه الآيات العظيمة والدلائل النيرة على توحيده.
अज्ञात पृष्ठ