و { رمضان } علم ممنوع الصرف ويجمع بالألف والتاء وعلى أرمضة وعلقة هذا الاسم من مدة كان فيها في الرمض وهو شدة الحر. وقرىء شهر بالرفع مبتدأ خبره الموصول ويكون ذكر هذه الجملة تقدمت لفرضية صومه بذكر فضيلته والبينة على أن هذا الشهر هو:
{ الذي أنزل فيه القرآن } هو الذي يفرض عليكم صومه هذا إن كان قوله: أياما معدودات، لا يراد بها أيام رمضان، وإن أريدت بها فكان رفعه على تقدير مبتدأ أي تلك الأيام شهر رمضان. وقرىء شهر بالنصب أي صوموا.
وجوز الزمخشري أن يكون مفعولا لقوله: " وإن تصوموا " وهذا لا يجوز لأن تصوموا صلة لأن وقد فصلت بين معمول الصلة وبينها بالخبر الذي هو خبر لأن تصوموا. لو قلت: ان تضرب زيدا شديد، أي ضرب زيد شديد جاز. ولو قلت: إن تضرب شديد زيدا لم يجز. وأدغمت فرقة شهر رمضان. وقال ابن عطية: لا تقتضيه الأصول وعلل ذلك ويعني أصول البصريين ولم تقصر لغة العرب على ما نقله أكثر البصريين ولا على ما اختاره بل إذا صح النقل وجب المصير إليه، والضمير في فيه عائد للقرآن أي بدىء بإنزاله فيه وذلك في الرابع والعشرين منه. وقرىء القرآن بنقل حركة الهمزة إلى الواو وحذفها معرفا ومنكرا.
و { هدى } حال لازمة وأل في الهدى والفرقان للعموم فيكون هدى وبينات بعضها مبهما. وقال ابن عطية: اللام في الهدى للعهد. والمراد الاول. " انتهى " كلامه يعني أنه أتى به منكرا أولا ثم أنزله معرفا ثانيا يدل على أنه الأول، كقوله تعالى:
كمآ أرسلنآ إلى فرعون رسولا * فعصى فرعون الرسول
[المزمل: 15-16] فمعلوم أن الرسول الذي عصاه فرعون هو الرسول الذي أرسل إليه. ومن ذلك قولهم: لقيت رجلا فضربت الرجل، فالمضروب هو الملقى ويعتبر ذلك بجعل ضمير النكرة مكان هذا الثاني فيصح المعنى، لأنه لو أتى بعصاة فرعون أو لقيت رجلا فضربته لكان كلاما صحيحا، ولا يتأتى هذا الذي قاله ابن عطية هنا لأنه ذكر هو والمعربون إن هدى منصوب على الحال والحال وصف في ذي الحال وعطف عليه.
{ وبينات } فلا يخلو قوله.
{ من الهدى } المراد به الأول من أن يكون صفة لقوله هدى أو لقوله وبينات أولهما أو متعلقا بلفظه بينات لا جائز أن يكون صفة لهدى لأنه من حيث هو وصفه لزم أن يكون بعضا، ومن حيث هو الأول لزوم أن يكون هو إياه، والشيء الواحد لا يكون بعضا كلا لماهية ولا جائز.
والمعطوف على الحال حال والحالان وصف في ذي الحال فمن حيث كونهما حالين وصف بهما ذو الحال أن يكون صفة لبينات فقط لأن بينات معطوف على هدى، وهدى حال إذ هما وصفان ومن حيث وصفت بينات بقوله: من الهدى خصصتهما به فتوقف تخصيص القرآن على قوله: هدى وبينات معا.
{ ومن } حيث جعلت من الهدى صفة لبينات توقف تخصيص بينات على هدى فلزم من ذلك تخصيص الشيء بنفسه وهو محال ولا جائز أن يكون صفة لهما لأنه يفسد من الوجهين المذكورين في كونه وصفا لهدى فقط أو لبينات فقط ولا جائز أن يتعلق بلفظة وبينات لأن المتعلق تقييد للمتعلق به فهو كالوصف فيمتنع من حيث يمتنع الوصف، وأيضا فلو جعلت هنا مكان الهدى ضميرا فقلت: وبينات منه أي منه من ذلك الهدى لم يصح، فكذلك اخترنا أن يكون الهدى والفرقان عامين حتى يكون هدى وبينات بعضا منهما.
अज्ञात पृष्ठ