तफ़सीर मीज़ान
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
शैलियों
ثم إن هذه الأجرام الجوية المختلفة بالصغر والكبر والبعد والقرب وقد وجد الواحد في الصغر على ما بلغه الفحص العلمي ما يعادل:.
0033 000 000 000 000 000 000 000 / 0 من سانتيمتر مكعب والواحد في الكبر ما يعادل الملايين من حجم الأرض وهو كرة يعادل قطرها 9000 ميلا تقريبا، واكتشف من المسافة بين جرمين علويين ما يقرب من ثلاثة ملايين سنة نورية، والسنة النورية من المسافة تعدل:.
365 * 24 * 60 * 60 * 300000 كيلومتر تقريبا، فانظر إلى هذه الأرقام التي تدهش اللب وتبهت الفكر واقض ما أنت قاض في غرابة الأمر وبداعته تفعل البعض منها في البعض، وتنفعل البعض منها عن البعض أينما كانت وكيفما كانت بالجاذبة العامة، وإفاضة النور والحرارة وتحيا بذلك سنة الحركة العامة والزمان العمومي، وهذا نظام عام دائم تحت قانون ثابت، حتى أن النسبية العمومية القاضية بالتغير في قوانين الحركة في العالم الجسماني لا تتجافى عن الاعتراف بأن التغيير العمومي أيضا محكوم قانون آخر ثابت في التغير والتحول، ثم إن هذه الحركة والتحول العمومي تتصور في كل جزء من أجزاء العالم بصورة خاصة كما بين الشمس التي لعالمنا مع منظومتها ثم تزيد ضيقا في الدائرة كما في أرضنا مع ما يختص بها من الحوادث والأجرام، كالقمر والليل والنهار، والرياح والسحب والأمطار، ثم تتضيق الدائرة، كما في المكونات الأرضية: من المعادن والنبات والحيوان وسائر التراكيب، ثم في كل نوع من أنواعها، ثم تتضيق الدائرة حتى تصل النوبة إلى العناصر، ثم إلى الذرات ، ثم إلى أجزاء الذرات حتى تصل إلى آخر ما انتهى الفحص العلمي الميسور للإنسان إلى هذا اليوم، وهي الإلكترون، والبروتون، ويوجد هناك نظير المنظومات الشمسية جرم مركزي وأشياء يدور حولها دوران الكواكب على مداراتها التي حول شمسها وسبحها في أفلاكها.
ففي أي موقف من هذه المواقف وقف الإنسان شاهد نظاما عجيبا ذا تحولات وتغيرات، يحفظ بها أصل عالمه، وتحيا بها سنة إلهية لا تنفد عجائبه، ولا تنتهي غرائبه، لا استثناء في جريها وإن كان واحدا، ولا اتفاق في طيها وإن كان نادرا شاردا، لا يدرك ساحلها ولا يقطع مراحلها، وكلما ركبت عدة منها أخذا من الدقيق إلى الجليل وجدتها لا تزيد على عالم واحد، ذا نظام واحد وتدبير متصل حتى ينتهي الأمر إلى ما انتهى إليه توسع العلم إلى اليوم بالحس المسلح والأرصاد الدقيقة، وكلما حللتها وجزيتها راجعا من الكل إلى الجزء حتى تنتهي إلى مثل المليكول وجدته لا تفقد من العالم الواحد شيئا ذا نظام واحد وتدبير متصل، على أن كل اثنين من هذه الموجودات متغاير الواحدين ذاتا وحكما شخصا.
فالعالم شيء واحد والتدبير متصل، وجميع الأجزاء مسخرة تحت نظام واحد وإن كثرت واختلفت أحكامها، وعنت الوجوه للحي القيوم، فإله العالم الموجد له والمدبر لأمره واحد وهذا هو البرهان الثاني.
ثم إن الإنسان الذي هو موجود أرضي يحيا في الأرض ويعيش في الأرض ثم يموت ويرجع إلى الأرض لا يفتقر في شيء من وجوده وبقائه إلى أزيد من هذا النظام الكلي الذي لمجموع هذا العالم المتصل تدبيره، الواحد نظامه، فهذه الأجرام العلوية في إنارتها وتسخينها، وهذه الأرض في اختلاف ليلها ونهارها ورياحها وسحبها وأمطارها ومنافعها التي تجري من قطر إلى قطر من رزق ومتاع هي التي يحتاج إليها الإنسان في حاجته المادية وتدبير وجوده وبقائه - والله من ورائهم محيط - فإلهها الموجد لها المدبر لأمرها هو إله الإنسان الموجد له والمدبر لأمره وهذا هو البرهان الثالث.
ثم إن هذا الإله هو الذي يعطي كلا ما يحتاج إليه في سعادته الوجودية وما يحتاج إليه في سعادته في غايته وآخرته لو كان له سعادة أخروية غائية فإن الآخرة عقبى هذه الدار، وكيف يمكن أن يدبر عاقبة الأمر غير الذي يدبر نفس الأمر؟ وهذا هو البرهان على الاسمين الرحمن الرحيم.
وعند هذا تم تعليل الآية الأولى بالثانية وفي تصدير الآية بلفظة، إن الدالة على التعليل إشارة إلى ذلك - والله العالم -.
पृष्ठ 230