तफ़सीर मीज़ान
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
शैलियों
قوله تعالى: وإن منها لما يهبط من خشية الله، وهبوط الحجارة ما نشاهد من انشقاق الصخور على قلل الجبال، وهبوط قطعات منها بواسطة الزلازل، وصيرورة الجمد الذي يتخللها في فصل الشتاء ماء في فصل الربيع إلى غير ذلك، وعد هذا الهبوط المستند إلى أسبابها الطبيعية هبوطا من خشية الله تعالى لأن جميع الأسباب منتهية إلى الله سبحانه فانفعال الحجارة في هبوطها عن سببها الخاص بها انفعال عن أمر الله سبحانه إياها بالهبوط، وهي شاعرة لأمر ربها شعورا تكوينيا، كما قال تعالى: "وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم": إسراء - 44، وقال تعالى: "كل له قانتون": البقرة - 116، والانفعال الشعوري هو الخشية فهي هابطة من خشية الله تعالى، فالآية جارية مجرى قوله تعالى: "ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته": الرعد - 13: وقوله تعالى: "ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال": الرعد - 15، حيث عد صوت الرعد تسبيحا بالحمد وعد الظلال ساجدة لله سبحانه إلى غير ذلك من الآيات التي جرى القول فيها مجرى التحليل كما لا يخفى.
وبالجملة فقوله: وإن منها لما يهبط، بيان ثان لكون قلوبهم أقسى من الحجارة فإن الحجارة تخشى الله تعالى، فتهبط من خشيته، وقلوبهم لا تخشى الله تعالى ولا تهابه.
بحث روائي
في المحاسن: عن الصادق (عليه السلام): في قول الله: خذوا ما آتيناكم بقوة، أقوة الأبدان أو قوة القلب؟ قال (عليه السلام): فيهما جميعا:. أقول: ورواه العياشي أيضا في تفسيره.
وفي تفسير العياشي، عن الحلبي: في قوله تعالى: واذكروا ما فيه، قال: قال اذكروا ما فيه واذكروا ما في تركه من العقوبة.
أقول: وقد استفيد ذلك من المقام من قوله تعالى: ورفعنا فوقكم الطور خذوا.
وفي الدر المنثور،: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لو لا أن بني إسرائيل قالوا وإنا إن شاء الله لمتهدون ما أعطوا أبدا ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم.
وفي تفسير القمي،: عن ابن فضال قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: إن الله أمر بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة وإنما كانوا يحتاجون إلى ذنبها فشدد الله عليهم.
وفي المعاني، وتفسير العياشي،: عن البزنطي قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: إن رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له ثم أخذه وطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ثم جاء يطلب بدمه فقالوا لموسى إن سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبر من قتله قال: ائتوني ببقرة قالوا: أتتخذنا هزوا؟ قال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم، قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي؟ قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر يعني لا صغيرة ولا كبيرة عوان بين ذلك ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها - قال إنه يقول إنها بقرة صفراء - فاقع لونها تسر الناظرين ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي أن البقر تشابه علينا - وإنا إن شاء الله لمهتدون. قال: إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض - ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها. قالوا الآن جئت بالحق فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل فقال لا أبيعها إلا بملء مسك ذهبا، فجاءوا إلى موسى وقالوا له ذلك قال اشتروها فاشتروها وجاءوا بها فأمر بذبحها ثم أمر أن يضربوا الميت بذنبها فلما فعلوا ذلك حيي المقتول وقال يا رسول الله إن ابن عمي قتلني، دون من أدعي عليه قتلي، فعلموا بذلك قاتله فقال لرسول الله موسى بعض أصحابه إن هذه البقرة لها نبأ فقال وما هو؟ قال إن فتى من بني إسرائيل كان بارا بأبيه وأنه اشترى بيعا فجاء إلى أبيه والأقاليد تحت رأسه فكره أن يوقظه فترك ذلك البيع فاستيقظ أبوه فأخبره فقال أحسنت، هذه البقرة فهي لك عوضا مما فاتك فقال له رسول الله موسى انظر إلى البر ما بلغ بأهله.
أقول: والروايات كما ترى منطبقة على إجمال ما استفدناه من الآيات الشريفة.
पृष्ठ 116