213

तफ़सीर मिन वाही क़ुरान

शैलियों

مجاهيل كثيرة ، وهي عالم الطبيعة أضيق العوالم وأخسها ، فما ظنك بما وراءها ، وهي عوالم النور والسعة (1).

ونحن نتفق مع العلامة الطباطبائي في القاعدة العلمية التي أسسها ، وهي عدم المبادرة إلى رفض ما لا تقبله الأفكار من خلال ابتعاده عن المألوف مما يعرفه الناس ، أو يقع في نطاق تجاربهم الذهنية وانفعالاتهم الشعورية ، لأن عالم الغيب يختلف في موازينه عن عالم الحس لعدم خضوعه للتجربة الحسية ، الأمر الذي يجعل المقياس في معقوليته وعدم معقوليته ، هو انطلاق القضية في أبعادها من دائرة الإمكان المنطلقة من دراسة الفكرة وقدرة الله المطلقة ، فلا يجوز لنا أن نرفض الغيب في طبيعته ومفرداته لمجرد ابتعاده عن دائرة المألوف لدينا ، لأن المألوف ليس هو الصيغة النهائية للحقيقة حتى في ساحة الحس ، فكم من الأمور التي كانت فوق مستوى المألوف مما يعقله الناس ، في قضايا الحياة وأسرار الكون ، أصبحت عادية ومألوفة لديهم بعد اكتشافها من قبل العلماء ووضوحها لديهم ، وكم من الأمور المألوفة لديهم بفعل السير التاريخي للأفكار والعقائد ، تحولت إلى أشياء مستنكرة بعد ثبوت زيفها وخرافيتها ، وكم من الأشياء التي كانت غيبا في وعي الناس عادت حسا من خلال الاكتشافات العلمية.

لذلك ، فإن طريقة البحث في الأمور الغيبية تختلف عن الطريقة في الأمور الحسية ؛ ففي الغيب متسع للفكر التأملي والعقل النظري ، وفي الحس منطلق للتجربة الواقعية والعقل العملي بالإضافة إلى دائرة التأمل فيه ، ولكن المسألة التي تفرض نفسها في شؤون الغيب هي توثيق النص المروي عن المصادر المعصومة التي لا تخطئ في نقل الأشياء وفي تصورها ، وتركيز الفهم الدقيق للنصوص من خلال القواعد والأصول المتبعة في ذلك ، وهذا ما

पृष्ठ 222