तफ़सीर मिन वाही क़ुरान

Mohammad Hussein Fadlallah d. 1431 AH
13

तफ़सीर मिन वाही क़ुरान

शैलियों

كما في آية المباهلة التي كان موردها أهل البيت وهم الحسن والحسين عليهما السلام في عنوان ( أبناءنا ) والزهراء عليهما السلام في عنوان ( نساءنا ) والإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام في عنوان ( أنفسنا ) وذلك قوله تعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) [آل عمران : 61]. ولكنها رسمت خطا عما للمباهلة في كل الموارد التي يحتاج المسلمون إليها ، وهكذا نجد هذه الفكرة في قوله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) [المائدة : 55] ، فإن المعروف المروي بأسانيد متعددة أنها نزلت في الإمام علي عليه السلام ، ولكنها في الوقت نفسه أطلقت الفكرة ، في العناوين الكبرى ، للذين يتولون الولاية للمسلمين ، في طبيعتها العالية التي توحي بها الصفات المذكورة فيها ، ولهذا ذكرت بأسلوب الجمع لا المفرد ، بحيث تشمل الأئمة عليهم السلام من ولده.

وهكذا نلاحظ هذا الأسلوب في قوله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) [الإنسان : 8 9].

فقد نزلت في علي وفاطمة عليهما السلام ، ولكنها انطلقت من خلالهما ، لترسم الخط العريض للذين يتحركون في هذا الاتجاه ، وبهذه الروح في الإخلاص لله ، والخوف منه والحب له ، والإيثار لعباده من اليتامى والمساكين والأسرى.

وهكذا نجد أن القرآن الكريم لا يتوقف عند الخصوصيات التاريخية التي كانت المنطلق لنزوله ، بل يمتد إلى كل النماذج الحية في الزمن كله ، كما أنه في مفاهيمه العامة يتحرك من أجل أن يشير إلى حركة الواقع ، في قضايا الحق والباطل ، والشرعية واللاشرعية ، ليكون دليلا على خطوط الاستقامة والانحراف في الواقع الإسلامي ، الذي جاء عقب مدة طويلة من وقت نزوله ، ليتحدث عن كل مرحلة جديدة من خلال حديثه عن المرحلة السابقة المماثلة ، وليوجه الناس إلى رموز الحق في المستقبل ، ويبعدهم عن رموز الباطل فيه ،

पृष्ठ 17