[2.111-112]
قوله تعالى: { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } ، قال الفراء وأراد يهودا فحذفت الياء الزائدة. قال الأخفش: (الهود جمع هاد؛ مثل عائد وعود، وحائل وحول). وفي مصحف أبي: (إلا من كان يهوديا أو نصرانيا).
ومعنى الآية: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا ولا دين إلا اليهودية. وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا، ولا دين إلا النصرانية. فأنزل الله تعالى: { تلك أمانيهم } ، يجوز أن تكون { تلك } كناية عن الجنة؛ ويجوز أن تكون المقالة. وأمانيهم: أباطيلهم بلغة قريش، وقيل: شهواتهم التي تمنوها على الله بغير الحق. { قل }؛ لهم يا محمد: { هاتوا برهانكم }؛ أي حجتكم على ذلك من التوراة والانجيل، { إن كنتم صادقين }.
ثم قال الله تعالى ردا عليهم وتكذيبا لهم: { بلى }؛ أي ليس كما قالوا، بل يدخل الجنة، { من أسلم وجهه لله }؛ أي من أخلص دينه لله. وقيل: من فوض أمره إلى الله. وقيل: من خضع وتواضع لله. وأصل الإسلام: الاستسلام: وهو الخضوع والانقياد. وإنما خص الوجه؛ لأنه إذا جاد بوجهه في السجود لم يبخل بسائر جوارحه.
وقوله تعالى: { وهو محسن } أي محسن في عمله، وقيل: معناه: وهو مؤمن مخلص، { فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم }؛ أي فيما يستقبلهم من أهوال القيامة، { ولا هم يحزنون }؛ على ما خلفوا في الدنيا؛ لأنهم يتيقنون بثوابهم عند الله.
[2.113]
قوله تعالى: { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء }. قال ابن عباس: (صدق كل واحد من الفريقين، ولو حلف على ذلك أحد ما حنث، وليس أحد من الفريقين على شيء). قوله تعالى: { وهم يتلون الكتاب }؛ أي وكلا الفريقين يقرأون كتاب الله، ولو رجعوا إلى ما معهم من الكتاب لما اختلفوا.
قوله تعالى: { كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم }؛ أي للذين ليسوا من أهل الكتاب؛ نحو المجوس ومشركي العرب. يقولون أيضا: لن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا. وقيل: أراد بالذين لا يعلمون آباءهم الذين مضوا. وقال مقاتل: (هم مشركو العرب؛ قالوا في محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه: ليسوا على شيء من الدين). وقال ابن جريج: (قلت لعطاء: كيف قال الذين لا يعلمون؟ من هم؟ قال: أمم كانت قبل اليهود والنصارى) مثل قوم نوح؛ وقوم هود؛ وصالح؛ ولوط؛ وشعيب؛ ونحوهم. قالوا في أنبيائهم: ليسوا على شيء، وإن الدين ديننا.
قوله تعالى: { فالله يحكم بينهم يوم القيامة }؛ أي يقضي بين اليهود والنصارى والمشركين يوم القيامة؛ أي يريهم من يدخل الجنة عيانا؛ ومن يدخل النار عيانا. قوله تعالى: { فيما كانوا فيه يختلفون }؛ يعني من الدين.
[2.114]
अज्ञात पृष्ठ