من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
[البقرة: 245]، ثم ذكر ما كان من مسألة قوم أشمويل من الله أن يبعث له ملكا يقاتلون معه أعداءهم، وكانت الغلبة لهم مع قلة عددهم، ثم عقبه الله تعالى بذكر أمور تدل على واحدانيته، فبين أن الكفر بعد هذه الآيات أعظم وأشنع، فمن كفر بعد هذا فقاتلوه وأنفقوا في القتال، فإن النفقة في القتال تكون بسبعمائة.
وعن ابن عباس: (نزلت هذه الآية والتي بعدها في شأن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما. أما عثمان فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فقال: علي جهاز من لا جهاز له، وأشتري بئر رومة وأجعلها سبيلا للمسلمين. وأما عبدالرحمن فكان له ثمانية آلاف، فجاء بأربعة آلاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي ثمانية آلاف؛ أمسكت نصفها لنفسي ولعيالي؛ وأقرضت نصفها لربي وهي هذه. فقال صلى الله عليه وسلم:
" بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت "
وأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضت منه).
ومعنى الآية: صفة { الذين ينفقون أموالهم في } طاعة الله كصفة { حبة } ألقيت في الأرض وأخرجت { سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة } أي كما تكون الحبة واحدة والمكتسب منها سبعمائة، فكذلك النفقة تكون واحدة والمكتسب بها سبعمائة ضعف.
قوله تعالى: { والله يضاعف لمن يشآء }؛ أي كما يضاعف الله في زرع الزراع الحادث من البذر الجيد في الأرض العامرة، كذلك يضاعف للمرء الصالح ثواب صدقته بالمال الطيب إذا وضعه في موضعه. يضاعف لمن يشاء من السبع إلى السبعين إلى سبعمائة إلى مائة ألف إلى ما شاء الله من الأضعاف مما لا يعلمه إلا هو.
قوله تعالى: { والله واسع عليم }؛ أي غني بتلك الأضعاف { عليم } بمن ينفق. وقيل: معناه: { والله واسع } الفضل، جواد لا ينقصه ما يتفضل به من السعة والمضاعفة؛ { عليم } بمن يستحق الزيادة.
والفائدة في تخصيص السبع في الآية ما قالوا: إن السبع أشرف الأعداد كما روي عن ابن عباس أنه قال: (كادت الأشياء تكون كلها سبعا؛ فإن السماوات سبع؛ والأرضون سبع؛ والكواكب السيارة سبع؛ والبحار سبعة؛ وأيام الأسبوع سبعة؛ وسجود العبد على سبعة أعضاء).
وأجمع أهل التفسير إلا السدي: أن العدة المضاعفة بسبعمائة مختصة بالإنفاق في الجهاد؛ وأما غير ذلك من الطاعات؛ فالحسنة بعشر أمثالها كما قال الله تعالى:
अज्ञात पृष्ठ