135

तफ्सीर कबीर

التفسير الكبير

शैलियों

[2.157]

قوله تعالى: { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }؛ قال ابن عباس: (مغفرة من ربهم ونعمة). قيل: الصلاة هنا الثناء والرحمة والبركة. وجمع الصلوات لأنه عنى بها الرحمة بعد الرحمة. { وأولئك هم المهتدون } إلى الاسترجاع. وقيل: إلى الجنة والثواب. وقيل: إلى الحق والصواب. وقيل: الرحمة التي لا يعلم مقاديرها إلا الله كما قال تعالى في آية أخرى:

إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب

[الزمر: 10]. وعن عمر رضي الله عنه: أنه كان إذا قرأ هذه الآية قال: (نعم العدلان ونعم العلاوة). ويعني بالعدلين: قوله { صلوات من ربهم ورحمة } وبالعلاوة قوله: { هم المهتدون }. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" يقول الله تعالى: إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في أهله أو ولده أو بدنه فاستقبل ذلك منه بصبر جميل استحيت منه يوم القيامة أن أنشر له ديوانا أو أنصب له ميزانا ".

[2.158]

قوله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعآئر الله }؛ أي من أعلام دينه ومتعبداته؛ وأراد بالشعائر ها هنا مناسك الحج. وسبب نزول هذه الآية: أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية فتركناه في الإسلام، فأنزل الله هذه الآية).

وقال ابن عباس: (كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له: إسافا، وعلى المروة صنم على صورة امرأة يقال لها: نائلة. وإنما ذكروا الصفا لتذكير إساف، وأنثوا المروة لتأنيث نائلة؛ وزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله، فوضعهما على الصفا والمروة ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا من دون الله تعالى. وكان أمر الجاهلية إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوا الصنمين. فلما جاء الإسلام كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين، وقالت الأنصار: إن السعي من أمر الجاهلية، فأنزل الله تعالى هذه الآية { إن الصفا والمروة من شعآئر الله } ).

قوله تعالى: { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما }؛ أي فلا إثم في الطواف بينهما لمكان الأصنام عليهما، فإن الطواف بينهما واجب. والجناح هو الإثم؛ وأصله يتطوف وأدغمت التاء في الطاء. وقرأ أبو حيوة: (يطوف بهما) مخففة.

واختلف العلماء في السعي؛ فقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: هو واجب وينجبر بالدم. وقال مالك والشافعي: هو فرض، ولا ينجبر بالدم كطواف الزيارة. وقال أنس بن مالك وابن الزبير ومجاهد: هو تطوع إن فعله فحسن، وإن تركه لم يلزمه شيء، واحتجوا بقراءة ابن عباس وابن سيرين: (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما). وكذلك هو في مصحف عبدالله؛ ويقوله بعد ذلك: (ومن تطوع خيرا) وهذا دليل على أنه تطوع.

अज्ञात पृष्ठ