तफ़्सीर बयान सआदा
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
शैलियों
{ ومن حيث خرجت } للسفر فى البلاد وللحركة فى الشؤن والتقلب فى الاحوال { فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه } اى شطر المسجد او المسجد من حيث التوجه اليه او التوجه الى شطر المسجد { للحق } اى الثابت { من ربك } او الحق الذى هو غير الباطل حال كونه من ربك على ان لا يعتبر فيه معنى الوصفية والجملة حالية، او معطوفة على مقدر، او باعتبار المعنى والتقدير فانه فرضك وانه للحق من ربك وهذا المعنى مستفاد من السابق { وما الله بغافل عما تعملون } قرئ بالياء وبالتاء.
[2.150]
{ ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } ولما كان المقام مقام السخط على أهل الكتاب الكاتمين لوصف محمد (ص) وموطنه ومهاجره وقبلتيه وكان ترك القبلة التى كانوا عليها مدة أربع عشرة سنة وأشهرا مظنة الانكار من ضعفاء المسلمين ومورد الحجة المرضية عند ضعفاء العقول من المعاندين والمسلمين ناسبه التأكيد والتكرار ووضع الظاهر موضع المضمر كما فعل تعالى شأنه بتكرار الامر بالتولية نحو المسجد الحرام وتكرار قوله من { حيث خرجت } ، { وحيث ما كنتم } ، { وما الله بغافل عما تعملون } ، وعلم أهل الكتاب مع كتمانهم وأتى تعالى حين أمر الرسول (ص) بتولية وجهه شطر المسجد بقوله: من حيث خرجت، وحين أمر الأمة بقوله: { وحيث ما كنتم } للاشعار بأن محمدا (ص) لا مقام له فى مقام وشأن بل هو دائم السير والحركة وأن أمته (ص) بالنسبة اليه كأنه لا حركة لهم من مقام الى مقام آخر، ومن هذا يعلم ان الخطاب فى قوله: { وحيث ما كنتم } خاص بأمته من غير مشاركته لهم { لئلا يكون للناس عليكم حجة } تعليل للامر بالتولية او للتولية والمعنى أمرناكم بالتوجه الى الكعبة لئلا يرد عليكم من معانديكم حجة صحيحة وهى ان من علامات النبى المبعوث فى آخر الزمان الصلاة الى الكعبة او الى القبلتين، وحجة كاسدة وهى انه لو كان نبيا لما تبع قبلة الغير وانه لو كان ديننا باطلا كان قبلتنا باطلة { إلا الذين ظلموا منهم } اى وضعوا الشيء فى غير موضعه فانهم يوردون عليك حجة باطلة هى أنه لو كان الصلاة الى بيت المقدس باطلة لكان صلاتهم فى المدة الماضية باطلة، ولو كان صحيحة لكانت صلاتهم الى الكعبة باطلة { فلا تخشوهم } فان حجتهم داحضة ومطاعنهم غير ضارة { واخشوني } فانظروا الى أمرى ونهيي ولا تنظروا الى غيرى { ولأتم نعمتي عليكم } باقبالكم الى الكعبة التى هى ظهور القلب وصورته كما سيأتى ان شاء الله والاقبال الى الكعبة منبه على الاقبال الى القلب، ومؤد اليه وتمام النعمة فى الاقبال الى القلب ولذا قال: { ولعلكم تهتدون } الى القلب الذى هو عرش الرحمن من الاقبال الى الكعبة التى هى صورته.
[2.151]
{ كمآ أرسلنا } يعنى اتم نعمتى اتماما مثل ارسال الرسول، او تهتدون اهتداء مثل الأهتداء بارسال الرسول، او هو متعلق بقوله: { فاذكرونى } ، او { أذكركم } ، والفاء زائدة، او متعلق بمحذوف يفسره المذكور والمعنى اذكرونى ذكرا يوازى نعمة ارسال الرسول المستتبع لجميع الخيرات ، او { أذكركم } مثل ذكركم بارسالنا { فيكم } لا فى غيركم { رسولا منكم } يشابهكم فى الجسد والبشرية لا من غيركم من أصناف الملائكة وغيرهم حتى تستوحشوا منه يستتبع نعما جليلة فانه { يتلوا عليكم آياتنا } التدوينية فينبهكم بها ويعلمكم بها آياتنا الآفاقية والانفسية او يتلو عليكم آياتنا التدوينية والاحكام الشرعية ويتلو عليكم ويذكر لكم آياتنا الآفاقية والانفسية { ويزكيكم } يطهركم من الاخلاق الرذيلة والنقائص البشرية او يحملكم على الطهارة عن النجاسات الشرعية والادناس العرفية بتأسيس آداب النظافة او ينميكم فى ذاتكم وصفاتكم او يحملكم على تأدية زكاة أموالكم وأبدانكم، او يصلحكم ويجعلكم متنعمين او يعطشكم لامور الآخرة { ويعلمكم الكتاب والحكمة } قد سبق بيان الكتاب والحكمة { ويعلمكم } من الامور الغيبية { ما لم تكونوا } بقوتكم البشرية { تعلمون } بالفكر والنظر والتعلم البشرى مما ذكر من اوصاف الجنات الصورية التى أنكرها أكثر الفلاسفة ومن دقائق الحكم المودعة فى الأحكام الشرعية من العبادات والمعاملات ومن كيفية ارتباط الأعمال البدنية بالامور الغيبية والاخلاق النفسية فانه لا طريق للبشر الى ادراك هذه الا بطريق الوحى ولذا أنكر الفلاسفة الذين يعدون أنفسهم من العلماء أكثر العوالم الغيبية وأكثر الاحكام الشرعية وأنكر الدهرية والطبيعية كل الامور الشرعية والعوالم الغيبية. وقدم التزكية على تعليم الكتاب والحكمة هاهنا وفى سورة آل عمران فى قوله تعالى:
لقد من الله على المؤمنين
[آل عمران:164]؛ الآية، وفى سورة الجمعة فى قوله تعالى:
هو الذي بعث في الأميين
[الجمعة:2]؛ الآية بخلاف دعوة ابراهيم (ع) التى سبقت للاشعار باجابة دعاء ابراهيم (ع) والتفضل عليه (ع) بالزيادة على مسؤله فان التعليم الذى هو قبل التزكية ليس الا بالعلم التقليدى الذى يكون عادية للعالم به بخلاف التعليم الذى هو بعد التزكية فانه يكون بالعلم التحقيقى بمراتبه من علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ولهذا أضاف على دعائه قوله تعالى: { ما لم تكونوا تعلمون }.
[2.152]
अज्ञात पृष्ठ