तफ़्सीर बयान सआदा
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
शैलियों
{ ولتجدنهم أحرص الناس على حياة } حقيرة دانية لا ينظر اليها حتى تعرف، وهذا دليل على أنهم مقبلون على الدنيا ومدبرون عن الآخرة ونعيمها فلا يريدونها فكيف يتمنونها { ومن الذين أشركوا } عطف على الناس فانه بتقدير من وتخصيص المشركين بعد الناس لانهم احرص من سائر الناس على الحيوة الدنيا { يود أحدهم } كل واحد منهم فان الاضافة تفيد العموم البدلى { لو يعمر } لو مصدرية { ألف سنة } غفلة عن الله وعن الآخرة ونعيمها واطمئنانا بالدنيا ونعيمها وليس هذا شأن أولياء الله ولا أصحاب الآخرة ونعيمها { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } هو راجع الى أحدهم وان يعمر فاعل مزحزحه او هو راجع الى التعمير المستفاد من يعمر وفاعل مزحزحه راجع الى مرجع هو ومفعوله راجع الى أحدهم وان يعمر بدل منه؛ او هو ضمير مبهم كضمير الشأن وان يعمر تفسيره { والله بصير بما يعملون } تهديد لهم على مخالفة أفعالهم لاقوالهم.
واعلم أنه كان من أقوال اليهود ان جبرئيل عدو لنا فانه ملك موكل على القتل والشدة والحرب والجدب وأنه أعان على خراب بيت المقدس لانه منع دانيال عن قتل بختنصر وأعان على قتل بنى اسرائيل وخراب بيت المقدس وقالوا لمحمد (ص) على اختلاف فى الروايات: ان كان ميكائيل يأتيك نؤمن بك وان كان جبرئيل يأتيك لا نؤمن بك فانه عدو لنا فقال الله تعالى { قل } يا محمد (ص) لهم { من كان عدوا لجبريل }.
[2.97-98]
{ قل } يا محمد (ص) لهم { من كان عدوا لجبريل } فليعاد الله { فإنه } اى جبرئيل { نزله } اى القرآن والاتيان بضمير الشأن من غير سبق ذكر له صريحا يدل على تفخيمه وأنه غنى عن سبق ذكره لتعرفه بنفسه { على قلبك بإذن الله } ومن يعاد الرسول فقد عادى المرسل او من كان عدوا لجبريل فليختنق؛ فان جبرئيل نزل القرآن المصدق لكتابكم فى اثبات نبوتى ونسخ دينكم على قلبى وأعاننى على ذلك باذن الله، او من كان عدوا لجبرئيل فلا وجه له فان جبرئيل نزل القرآن المصدق لكتابكم والمصحح لدينكم على قلبى فيلزمكم المحبة له لا العداوة فقوله فانه نزله على قلبك من قبيل اقامة السبب مقام المسبب؛ وكان حق العبارة ان يقول: على قلبى لكنه عدل الى حكاية قول الله كأنه قال من كان عدوا لجبريل فان الله يقول انه نزله على قلبك، او الجزاء محذوف وقوله فان الله نزله على قلبك من كلام الله لتعليل الأمر بالقول او لتعليل الجزاء المحذوف وفى جبريل لغات عديدة قرئ بثمان منها جبرئيل كسلسبيل بفتح الجيم وكسرها، وجبريل كقنديل بالفتح والكسر، وجبرئل كجحمرش، وجبرائيل كميكائيل بكسر الجيم وفتحه، وجبرائل بالكسر والفتح، وجبرال بالكسر والفتح وهكذا جبرعيل باللغات المذكورة وقد يبدل اللام بالنون واسماء العجمة اذا عربت تغير تغييرا كثيرا { مصدقا لما بين يديه } من كتب الله ومنها التوراة { وهدى وبشرى } عدل الى المصدر للمبالغة { للمؤمنين من كان عدوا لله } استئناف من الله او من جملة ما أمره الله ان يقوله لهم روى أن المنافقين لما سمعوا ما قال النبى (ص) فى على (ع) من أن جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره واسرافيل من خلفه وملك الموت امامه والله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان اليه قال بعض النصاب: انا أبرأ من الله وجبرئيل وميكائيل والملائكة الذين حالهم مع على (ع) ما قاله محمد (ص) فقال الله: من كان عدوا لله { وملائكته ورسله وجبريل وميكال } فليحذر من معاداة الله او فليتهيأ لمعاداة الله { فإن الله عدو للكافرين } وضع الظاهر موضع المضمر ايماء الى أنه كافر واظهارا لوصفه المذموم واشعارا بعلة الحكم.
[2.99]
{ ولقد أنزلنآ إليك آيات } معجزات او احكام بحسب القالب والقلب او آيات من القرآن او آيات من آيات الانفس او آيات الآفاق الظاهرة فى نفسك { بينات } واضحات دالات على صدقك ورسالتك وامامة على (ع) وصيك وفى تفسير الامام (ع): دالات على صدقك فى نبوتك مبينات عن امامة على (ع) اخيك ووصيك وصفيك، موضحات عن كفر من شك فيك او فى أخيك، وذكر الدالات والمبينات والموضحات فى ذيل البينات ليس تفسيرا للبينات بل هى تفسير للآيات فان الآية بما هى آية ما يدل على شيء آخر ويوضحه او هى تفسير للبينات { وما يكفر بهآ إلا الفاسقون } وقوله ولقد أنزلنا اليك الى آخر الآية اشارة الى صغرى قياس من الشكل الاول وقوله: { وما يكفر بهآ } الى آخرها اشارة الى كبرى قياس آخر من الشكل الاول ترتيبها هكذا: انت رسول من الله بالآيات، وكل رسول معه آيات، عدوه كافر به وبآياته من حيث رسالته فأنت عدوك كافر بك وبآياتك وكل كافر بك وبآياتك فاسق، فأنت عدوك فاسق والفسق الخروج عن طاعة العقل وهو الرسول الداخلى وعن طاعة الرسول وهو العقل الخارجى وفى تفسير الامام (ع) قال على بن الحسين عليهما السلام فى تفسير هذه الآية: وذلك أن رسول الله (ص) لما آمن به عبد الله بن سلام بعد مسئلته التى سألها رسول الله (ص) وجوابه (ص) اياه عنها قال: يا محمد بقيت واحدة وهى المسئلة الكبرى والغرض الاقصى من الذى يخلفك بعدك ويقضى ديونك وينجز اعداءك ويؤدى اماناتك ويوضح عن آياتك وبيناتك؟ - فقال رسول الله (ص): اولئك أصحابى قعود، فامض اليهم فيبدو لك النور الساطع فى دائرة غرة ولى عهدى وصفحة خديه وسينطق طومارك بأنه هو الوصى وستشهد جوارحك بذلك فصار عبد الله الى القوم فرأى عليا يسطع من وجهه نور يبهر نور الشمس ونطق طوماره وأعضاء بدنه كله يقول: يا ابن سلام هذا على بن ابى طالب (ع) المالئ جنان الله بمحبيه ونيرانه بمعاداته، الباث دين الله فى أقطار الارض وآفاقها، والنافى للكفر عن نواحيها وارجائها فتمسك بولايته تكن سعيدا، واثبت على التسليم له تكن رشيدا، فقال عبد الله بن سلام: أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد ان محمدا (ص) عبده ورسوله المصطفى، وأمينه المرتضى، وأميره على جميع الورى، (الى ان قال) وأشهد أنكما اللذان بشر بكما موسى (ع) ومن قبله من الانبياء ودل عليكما المختارون من الاصفياء ثم قال لرسول الله (ص): قد تمت الحجج، وانزاحت العلل، وانقطعت المعاذير، فلا عذر لى ان تأخرت عنك، ولا خير لى ان تركت التعصب لك، ثم قال : يا رسول الله (ص) ان اليهود ان سمعوا باسلامى وقعوا فى فاخبأ بى عندك فاذا جاؤك فاسألهم عنى تسمع قولهم فى قبل ان يعلموا باسلامى وبعده لتعلم أحوالهم فخبأه رسول الله فى بيته ثم دعا قوما من اليهود فحضروه وعرض عليهم أمره فأبوا فقال:
" بمن ترضون حكما بينى وبينكم؟ - قالوا: بعبد الله بن سلام، قال (ص): واى رجل هو؟ - قالوا: رئيسنا وابن رئيسنا، وسيدنا وابن سيدنا، وعالمنا وابن عالمنا، وورعنا وابن ورعنا، وزاهدنا وابن زاهدنا، فقال رسول الله (ص): أرأيتم ان آمن بى اترضون؟ - قالوا: قد أعاذه الله من ذلك، فقال: اخرج عليهم يا عبد الله وأظهر ما قد أظهره الله لك من أمر محمد (ص) فخرج عليهم وهو يقول: أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد ان محمدا (ص) عبده ورسوله المذكور فى التوراة والانجيل وصحف ابراهيم وسائر كتب الله المدلول فيها عليه وعلى أخيه على بن ابى طالب (ع)، فلما سمعوه يقول ذلك قالوا: يا محمد (ص) سفيهنا وابن سفيهنا، وشرنا وابن شرنا، وفاسقنا وابن فاسقنا، وجاهلنا وابن جاهلنا، كان غائبا عنا فكرهنا ان نغتابه فقال عبد الله: هذا الذى كنت أخافه يا رسول الله (ص) (الى آخر ما روى) ".
[2.100]
{ أوكلما عاهدوا } اى الا يراعوا هؤلاء اليهود الذين أنكروا رسالة محمد (ص) وخلافة على (ع) بعد الآيات الواضحات الدالات على الرسالة والامامة وكلما عاهدوا { عهدا } مع الرسول بمحاكمة واحد منهم مثل عبد الله بن سلام مثلا او هؤلاء النصاب كلما عاهدوا بمبايعة محمد (ص) مثل بيعة الرضوان بالتسليم فى جميع أوامره وترك الرد عليه وترك مخالفته ومثل البيعة مع محمد (ص) بغديرخم بخلافة على (ع) ومع على بخلافته، وكلما عاهدوا بدون البيعة ان لا يخالفوا محمدا (ص) وان يسلموا لعلى (ع) { نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون } اى فى مستقبل أعمارهم لا يرعوون ولا يتوبون مع مشاهدتهم للآيات ومعاينتهم للدلالات، او المعنى بل اكثرهم لا يصدقون ولا يذعنون حين المعاهدة، والاتيان بالشرطية كلية يدل على أن هذه عادتهم قديما وجديدا لا تنفك عنهم، نسب الى رسول الله (ص) انه قال:
" اتقوا عباد الله واثبتوا على ما أمركم به رسول الله (ص) من توحيد الله ومن الايمان بنبوة محمد (ص) رسول الله، ومن الاعتقاد بولاية على (ع) ولى الله، ولا يغرنكم صلاتكم وصيامكم وعباداتكم السالفة أنها تنفعكم ان خالفتم العهد والميثاق فمن وفى وفى له، ومن نكث فانما ينكث على نفسه، والله ولى الانتقام منه، وانما الاعمال بخواتيمها ".
अज्ञात पृष्ठ