174

तफ़्सीर बयान सआदा

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

शैलियों

{ مثل ما ينفقون } اى الكفرة جواب لسؤال مقدر والمعنى مثل القوى والمدارك والاعمار والاموال التى ينفقها هؤلاء الكفرة لان تكون ذخيرة وزرعا لآخرتهم فى انفاقها فى غير مواقعها وفى جعلها فى محل لا يصل نفعها اليهم، وفى هلاكها وفناءها قبل بلوغها مبلغ الانتفاع { في } زمان { هذه الحياة الدنيا } او فى حفظها او ابقائها { كمثل ريح فيها صر } برد شديد { أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم } بجعل الزرع فى موضع يهلك ويفنى قبل بلوغه ولا يصل نفعه اليهم، او بزرعه فى غير وقته حتى يدركه البرد فيهلكه والمعنى كمثل حرث اصابته ريح وقد مضى مكررا ان التشبيه التمثيلى لا يلزم الترتيب بين اجزاء المشبه والمشبه به ولا دخول اداة التشبيه على المشبه به او المعنى مثل ما ينفقون من اموالهم واعمارهم وقواهم فى زمان الحياة الدنيا او فى حفظها فى اهلاك الحرث الاخروى التكوينى الذى زرع الله بذره فى وجودهم كمثل ريح فيها برد شديد اصابت حرث قوم ظلموا انفسهم بالمعاصى عقوبة لهم، او بوضع الحرث فى غير محله او فى غير وقته { فأهلكته } وافنته { وما ظلمهم الله } اى ما ظلم الكفار فى فناء منفقاتهم بلا منفعة لهم { ولكن أنفسهم يظلمون } بانفاقهم فى محل او على وجه او بنية لا يصل منفعته اليهم، او المعنى وما ظلم الله قوما اهلك الريح حرثهم ولكنهم ظلموا انفسهم بزرع الحرث فى غير محله او فى غير وقته او مع اسخاط الله بمعصيتهم لا مع ارضائه بطاعتهم، وكان حق العبارة ان يقول: وما الله ظلمهم ولكنهم يظلمون لانه اذا اريد نفى الفعل عن فاعل مع اثباته لغيره ينبغى ان يقع الفاعل المنفى عنه عقيب اداة النفى والفاعل مثبت له عقيب اداة الاستدراك لكنه اراد ان يقول انه لا ظلم فى ابطال الانفاق ولا فى اهلاك هذا الحرث فأدخل النفى على الفعل دون الفاعل افادة لهذا المعنى، واثبت ظلما ما لهم باعتبار منع انفسهم وقواهم عن حقوقها، وحصر وقوع الظلم على انفسهم اشعارا بهذا المعنى.

[3.118]

{ يأيها الذين آمنوا } بالايمان العام والبيعة العامة النبوية وقبول الدعوة الظاهرة { لا تتخذوا بطانة } البطانة بكسر الباء خاصة الرجل من الرجال او من يتخذه معتمدا عليه من غير اهله يستوى فيه المذكر والمؤنث والواحد وغيره { من دونكم } متعلق بلا تتخذوا، ولفظة من ابتدائية، او صفة لبطانة ولفظة من تبعيضية؛ والمعنى لا تتخذوا خليلا بعضا من غيركم { لا يألونكم خبالا } اى لا يقصرون الخبال والفساد فيكم او لا يتوانون فى الخبال فيكم وعلى اى تقدير فخبالا تميز وضمير الخطاب مفعول به على الاول ومنصوب بنزع الخافض على الثانى، او هما مفعولان بتضمين معنى المنع ومثله { ودوا ما عنتم } اى عنتكم وهو شدة الضر والمشقة { قد بدت البغضآء من أفواههم } فى ضمن كلامهم لعدم تمالكهم من شدة البغض مع انهم بنفاقهم يريدون ان يظهروا التودد لكم والجمل الثلاث اوصاف لبطانة او احوال مترادفة او متداخلة عنه لتخصصه بقوله { من دونكم } او عن فاعل لا تتخذوا او عن كليهما او مستأنفة فى مقام التعليل { وما تخفي صدورهم } من البغضاء عليكم { أكبر } مما يظهر من افواههم { قد بينا لكم الآيات } والعلامات الدالة على بغضائهم لكم وشدة عداوتهم فما لكم تتخذونهم بطانة { إن كنتم تعقلون } ذوى عقول او تدركون بعقولكم تلك العلامات اجتنبتم موالاتهم.

[3.119]

{ هآأنتم أولاء تحبونهم } انتم مبتدأ واولاء خبره وتحبونهم حينئذ خبر بعد خبر او حال او مستأنف او انتم مبتدأ واولاء مفعول من باب الاشتغال وخبره الفعل المقدر وتحبونهم مفسر او انتم مبتدأ وتحبونهم خبره واولاء بدل او منادى، او اولاء بمعنى الذين خبره وتحبونهم صلة اولاء { ولا يحبونكم } تقريع لهم على موالاتهم { وتؤمنون بالكتاب كله } اى الكتاب المنزل عليكم ولستم كمن آمن ببعض وكفر ببعض وقد تكرر فى الكتاب الالهى النهى عن اتخاذ الكافرين اولياء لان من يتولاهم فهو منهم والامر باتخاذ المؤمنين اولياء فما لكم تؤمنون بالكتاب كله ولا تتبعون هذا النهى والامر فهو تهييج لهم على ترك موالاتهم، وما قاله مفسروا العامة من ان المعنى تؤمنون بكتابهم وكتابكم وهم لا يؤمنون بكتابكم بعيد من سياق اللفظ { وإذا لقوكم قالوا آمنا } وجه آخر لردعهم عن موالاة الكفار المخالطين لهم بانهم يعاشرونهم على النفاق ولا ينبغى للمؤمنين ان يوالى المنافق الذى يكون ذا لسانين { وإذا خلوا } عنكم { عضوا عليكم الأنامل من الغيظ } لعصبيتهم لدينهم { قل موتوا بغيظكم } الخطاب لمحمد (ص) او لكل من يتأتى منه الخطاب وهو دعاء عليهم بزيادة الغيظ وشدته حتى يهلكوا به، او بدوام الغيظ لقوة الاسلام الى آخر اعمارهم، او زجر لهم على غيظهم { إن الله عليم بذات الصدور } بما صحب الصدور ولزمها فكيف لا يعلم ما يظهر على الاعضاء فى الخلوات من مثل عض الانامل وهو من جملة مقول القول فى مقام تعليل الموت بالغيظ او هو من الله وجواب لسؤال مقدر كأنه قيل: كيف يعلم الله عضهم الانامل؟ - فقال: ان الله يعلم ما هو اخفى منه، او قيل: كيف علمت يا محمد (ص)؟ - فقال: ان الله يعلم ما هو اخفى منه فيخبرنى به.

[3.120]

{ إن تمسسكم حسنة تسؤهم } وجه آخر لردعهم عن موالاتهم { وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها } وهذه حالة العدو وحقه العداوة لا الموالاة { وإن تصبروا } عن موالاتهم مع خوفكم عن ايذائهم وعلى ايذائهم ان آذوكم { وتتقوا } الله فى موالاتهم او تتقوا عنهم بان تكونوا على حذر منهم حتى لا يصل اليكم اثر احتيالهم { لا يضركم كيدهم شيئا } فثقوا بالله ولا تكلوا على موالاتهم فى دفع مضراتهم { إن الله بما يعملون محيط } فى موضع التعليل قرء بالخطاب وبالغيبة.

[3.121]

{ وإذ غدوت } عطف على لا تتخذوا واذكروا يا محمد (ص) ويا امة محمد (ص) او ذكرهم يا محمد (ص) بنصرة الله وتأييده فى مواطن عديدة حتى تقويهم فلا يخافو من الكفار ولا يولوهم الادبار خوفا منهم اذ خرجت بالغداة { من أهلك } الى جبل احد { تبوىء المؤمنين } تنزل كلا فى مقامه اللائق به { مقاعد } امكنة مناسبة { للقتال } فان المقعد وان كان مأخوذا من القعود يستعمل فى معنى الموقف والمقام من غير اعتبار قعود فيه كاستعمال المقام فى مطلق الموقف والمكان من غير اعتبار قيام فيه { والله سميع } والحال ان الله كان سميعا لاقوالكم حين التشاور { عليم } بنياتكم حين ترجيح بعضكم القتال فى المدينة وسككها وبعضكم الخروج الى خارج المدينة، او المعنى ان الله سميع لاقوالكم حين الفشل والفرار عليم باحوالكم ونياتكم وهو وعيد للمنافقين ووعد للصادقين. نسب الى الصادق (ع) انه قال سبب غزوة احد ان قريشا لما رجعت من بدر الى مكة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والاسر لانه قتل منهم سبعون واسر منهم سبعون قال ابو سفيان: يا معشر قريش لا تدعوا نساءكم يبكين على قتلاكم فان الدمعة اذا خرجت اذهبت الحزن والعداوة لمحمد (ص)، وخرجوا من مكة فى ثلاثة آلاف فارس والفى راجل واخرجوا معهم النساء فلما بلغ رسول الله (ص) ذلك جمع اصحابه وحثهم على الجهاد فقال عبد الله بن أبى: يا رسول الله لا تخرج من المدينة حتى نقاتل فى ازقتها فليقاتل الرجل الضعيف والمرأة والعبد والامة على افواه السكك وعلى السطوح فما ارادنا قوم قط فظفروا بنا ونحن فى حصوننا ودورنا وما خرجنا على عدو لنا قط الا كان لهم الظفر علينا، فقام سعد بن معاذ وغيره من الاوس فقال: يا رسول الله ما طمع فينا احد من العرب ونحن مشركون نعبد الاصنام فكيف يظفرون بنا وانت فينا؟! لا حتى نخرج اليهم نقاتلهم؛ فمن قتل منا كان شهيدا ومن نجا منا كان مجاهدا فى سبيل الله، فقبل رسول الله (ص) رأيه وخرج مع نفر من اصحابه يتبوؤن موضع القتال كما قال سبحانه: { واذ غدوت من اهلك } وقعد عنهم عبد الله بن ابى وجماعة من الخزرج اتبعوا رأيه، ووافت قريش الى احد وكان رسول الله (ص) عبأ اصحابه وكانوا سبعمائة رجل فوضع عبد الله بن جبير فى خمسين من الرماة على باب الشعب واشفق ان يأتيهم كمينهم من ذلك الشعب فقال رسول الله (ص) لعبد الله واصحابه:

" ان رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تبرحوا من هذا المكان، وان رأيتموهم قد هزمونا حتى ادخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا مراكزكم "

अज्ञात पृष्ठ