كل فن من فنون العلم ولما بلغ من العمر ثلاثًا وعشرين سنة جلس للتدريس فكان يَتَعلم ويُعلِّم.
رابعًا: نبذة من أخلاقه:
كان على جانب كبير من الأخلاق الفاضلة، متواضعًا للصغير، والكبير، والغني، والفقير، وكان يقضي بعض وقته بالاجتماع بمن يرغب حضوره فيكون مجلسهم مجلسًا علميًا حيث إنه يحرص على أن يحتوي على البحوث العلمية، والاجتماعية، ويحصل لأهل المجلس فوائد عظمى من هذه البحوث، وكان يتكلم مع كل فرد بما يناسبه، وكان ذا شفقة على الفقراء، والمساكين، والغرباء مادًّا يد المساعدة لهم بحسب قدرته، ويستعطف لهم المحسنين ممن يُعْرف عنهم حب الخير في المناسبات.
وكان على جانب كبير من الأدب، والعفّة، والنّزاهة، والحزم في كل أعماله، وكان من أحسن الناس تعليمًا، وأبلغهم تفهيمًا.
خامسًا: مكانته العلميّة:
كان ﵀ ذا معرفة فائقة في الفقه وأصوله، وكان أول أمره متمسكًا بالمذهب الحنبليّ تبعًا لمشايخه، وحفظ بعض المتون من ذلك.
وكان أعظم اشتغاله وانتفاعه بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وحصل له خير كثير بسببهما في علم الأصول والتوحيد، والتفسير، ولغته، وغيرها من العلوم النافعة. وبسبب استنارته بكتب الشيخين المذكورين صار لا يتقيد بالمذهب الحنبلي، بل يرجح ما تَرَجّح عنده بالدليل الشرعي، ولا يطعن في علماء المذاهب. وله مكانة مرموقة في علم التفسير إذ قرأ عدة تفاسير وبرع فيه وألف تفسيرًا جليلًا، في ثمان مجلدات، فسره بالبديهية من غير أن يكون عنده وقت لتصنيف كتاب تفسير ولا غيره.
دائمًا يقرأ تلاميذه في القرآن الكريم ويفسره ارتجالًا، ويستطرد، ويبين