376

Tafsir and the Exegetes

التفسير والمفسرون

प्रकाशक

مكتبة وهبة

प्रकाशक स्थान

القاهرة

शैलियों

عمياء. ولا يدرى أنهم بماذا ظلموا، وأنهم ظلموا غيرهم أو أنفسهم. ومن ذلك الآيات التى سنشير إلى كونها واردة على سبيل الكناية والرموز بحيث لا يطلع على ما فيها إلا مَن تجرَّع كؤوس علوم آل محمد صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، كما سيأتى فى الفصل السادس من المقالة الأولى من المقدمة الثالثة فى قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا ولاكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [البقرة: ٥٧] من أن المراد ظلم محمد وآله. ومنها ما سيأتى أيضًا فى الفصل الثالث من المقالة المذكورة فى قوله تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٧٤] من أنه تعالى عنى بذلك غير النبى ﷺ كما قال الصادق ﵇: "ما خاطب الله به نبيه فهو يعنى به مَن قد مضى" وقد روى الكلينى وغيره عنه ﵇ أنه قال: "نزل القرآن بـ "إياكِ أعنى واسمعى يا جارة". وعن الباقر ﵇: "إذا علم الله شيئًا هو كائن أخبر عنه ما قد كان"، وقد مرَّ فى حديث جابر قوله ﵇: "وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن أن الآية ليكون أولها فى شئ وآخرها فى شئ" ... (الخبر) .
وسنذكر عن قريب فى فصول المقالة المذكورة وغيرها، ما يوضح حال تفسير الآيات التى كذا شأنها، ليتبصر به الناظر فيما نذكره من تفسير تلك الآيات إن شاء الله تعالى (ص ١٣) .
ونحن لا نرى أدنى خلل فيما ذكره من الوجهين السابقين بصرف النظر عما ذكره من تفسير، ولكن نأخذ عليه أنه لم يأخذ بما قال، بل جعل القرآن تبعًا لرأيه. ونزَّله على معان تتفق وهواه، ورمى غيره بالداء الذى هو فيه.
ثم ذكر المقالة الثانية، فجعلها فى بيان ما يوضح اشتمال كلام الله تعالى، الوارد فيما يتعلق بالتوحيد والنبوة صريحًا وتنزيلًا، على ما يتعلق بالولاية والإمامة بطنًا وكناية وتأويلًا، بحسب الأخبار الواردة فى أن الولاية - أى الإقرار بنبوة النبى وإمامة الأئمة والتزام حبهم وإطاعتهم وبغض أعدائهم ومخالفيهم - أصل الإيمان، مع توحيد الله ﷿، بحيث لا يصح الدين إلا بذلك كله، بل إنها بسبب إيجاد العالَم، وبناء حكم التكليف، وشرط قبول الأعمال والخروج عن حد الكفر والشرك، وأنها التى عُرِضت كالتوحيد على الخلق جميعًا، وأُخِذ عليهم الميثاق، وبُعِث بها الأنبياء، وأُنزِلت فى الكتب، وكُلِّف بها جميع الأُمم ولو ضمنًا، وأن نسبة النبوة إلى الإمامة كنسبتها إلى التوحيد فى تلازم الإقرار بها وبقرينها، بحيث إن الكفر بكلٍّ فى حكم الكفر بالآخر. ولا يفيد الإيمان ببعض دون بعض، وأن الأئمة مثل النبى فى فرض الطاعة والأفضلية بعده على الخلائق أجمعين، وكونهم وسائط ووسائل لسائر عباد الله المكرَّمين، من الأنبياء والأوصياء والملائكة المقرَّبين ... عقد هذه المقالة الثانية لهذا

2 / 45