Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura
تفسير العثيمين: الشورى
प्रकाशक
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٧ هـ
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
أمَّا أهْلُ السُّنَّةِ والجماعةِ فيقولون: إنَّ الإنسانَ يفعلُ باختيارِهِ وإرادتِهِ والقرآنُ دلَّ على ذلك: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإسراء: ١٩]، ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ [هود: ١٥]، ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [آل عمران: ١٥٢].
يقولون: الإنسانُ له إرادةٌ واختيارٌ، ويُفَرِّقُ بَيْنَ الفعلِ الإختياريِّ والفعلِ الإجباريِّ ولا شكَّ، الإنسانُ يقومُ وَيقْعُدُ، ويأكلُ ويشربُ، وينامُ ويستيقظُ، كلُّ ذلك لا يَشْعُرُ أنَّ أحدًا يُجْبِرُهُ عليه، ولكنْ مع ذلك هذا الفعلُ وهذه الإرادةُ مخلوقةٌ للهِ ﷿ لأنَّ الإنسانَ نفْسَه مخلوقٌ للهِ، فإراداتُهُ التي تكونُ في نفْسِهِ، وأفعالُهُ التي تَكُونُ في جوارحِهِ تكونُ مخلوقةً؛ لأنَّ أوصافَ المخلوقِ وأفعالَ المخلوقِ هي مخلوقةٌ، كما أن أوصافَ الخالقِ غيرُ مخلوقةٍ؛ ولهذا نقولُ: القرآنُ غيرُ مخلوقٍ؛ لأنَّه كلامُ اللهِ.
إذن أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ - والحمدُ للهِ - هداهم اللهُ للحقِّ، فكانوا وسطًا بين متطرفين.
إذن الآيةُ الكريمةُ ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [الشورى: ٨]، تَرُدُّ على القدريةِ الذين يقولون: إن الإنسانَ مستقلٌّ بعمَلِهِ، على رأيِهِم لا يستطيعُ اللهُ ﷿ أن يَهْدِيَ الناسَ جميعًا، أو يُضِلَّهُمْ جميعًا.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن من حكمةِ اللهِ ﷿ أن يَنْقَسِمَ الناسُ إلى مؤمنٍ وكافرٍ، من قولِهِ: ﴿وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾ [الشورى: ٨]، لأنه لا يُمْكِنُ أن يَظْهَرَ أثرُ الرحمةِ إلا إذا انقسمَ الناسُ إلى مرحومٍ وغير مرحوم، فكان من حكمةِ اللهِ ﷿ أن اختلفَ الناسُ، ونحن نَعْلَمُ لولا اختلافُ الناسِ لم يَتَمَيَّزْ مؤمنٌ من كافرٍ، لولا
1 / 71