211

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

प्रकाशक

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

प्रकाशक स्थान

المملكة العربية السعودية

शैलियों

شيءٍ]، الله أكبر! أيُّهما أسرع؟
الثاني أسرع؛ لِأَنَّهُ كلَمْح البَصَر، قال: ﴿أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ﴾ أي: يَرْجِع ﴿إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾ أي: نَظَرُك، فأنت مثلًا إذا نظرتَ أمامك ثُمَّ حَرَّكْتَ طَرْفَك فإن هذا يَكُون بسرعةٍ فائقةٍ، وتأمل -سبحان الله العظيم- سيأتي به من اليمن إِلَى الشام بهَذِهِ السرعةِ العظيمةِ؛ لِأَنَّهُ يأتي بأمرِ اللهِ ﷾، والله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس: ٨٢].
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر: ٥٠]، فاللهُ ﵎ إذا أجاب الداعيَ لا يحتاج إِلَى مدَّةٍ ولا إِلَى مُهْلَةٍ، ولكِن مَعَ ذلك يُقَدِّرُ الله ﵎ الأُمُور بأَسْبابها، قد يدعو الْإِنْسَان لمريض أن يشفيَه الله تَعَالَى، ولكِن هل يُشْفَى كلمحٍ بالبصر؟
لا، له أَسْبابٌ تُقَدَّر، لكِن الأَسْبَاب تَنعقِد فورًا إذا أرادَ الله ﵎ أنْ يُجيبَ، مَعَ أن الله قادر عَلَى أن يُبْرِئ هَذَا المريضَ فِي لحظة، مثلما كَانَ الرَّسُول ﵊ يؤتَى أحيانا بالمريضِ فيدعو له فيشفى فِي لحظةٍ، وقد جيء إليه بعليِّ بنِ أبي طالب فِي خَيبَرَ وَهُوَ يشتكي عينه فبَصَقَ فيها ودعا فبرأتْ، كَأنْ لم يكنْ بها وجعٌ فِي الحالِ (^١)، والله ﵎ على كلِّ شَيْء قدير، ولكِن تأخُّر الشَّيْء لا يدل على أنه الله ﷾ لَيْسَ بقادرٍ عَلَى إبرائِه حالًا، ولكِنه يَدُلّ عَلَى أن الله حكيمٌ يُقَدِّرُ الأُمُورَ بأَسْبابها، حَتَّى خلق السَّماوَات والْأَرْض فِي ستةِ أيامٍ ذَكَرْنا فيما سبق أَنَّهُ لفائدتين:

(^١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، حديث رقم (٣٩٧٣)؛ ومسلم، كتاب فضائل الصحابة ﵃، باب من فضائل علي بن أبي طالب ﵁، حديث رقم (٢٤٠٦)، عن سهل بن سعد ﵁.

1 / 215