Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut
تفسير العثيمين: العنكبوت
प्रकाशक
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٦ هـ
प्रकाशक स्थान
المملكة العربية السعودية
शैलियों
واعلم أن العبادةَ تنْقسمُ إلى قسمين:
أوَّلًا: الخضوعُ للأمرِ الكَونِيِّ؛ وهذه عامَّةٌ لكل أحَدٍ، كما في قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]، كُلُّ مَن في السَّمواتِ والأرضِ من مؤمنٍ وكافِرٍ وبارٍّ وفاجِرٍ، كلهم يأتُونَ اللَّه تعالى بهذا الوصفِ.
وهل من هذا قوله تعالى يخاطِبُ إبليس: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: ٤٢]؟
الجواب: إن قلنا الاستِئْنَاءُ متَّصَلٌ فهو منهم، أي: إبليس، وإن قُلنا: منْقَطِعٌ فليس منهم، أي: إن جعلنا الاستِثْنَاءَ متَّصِلًا فإن المرادَ العبوديةُ العامَّة، التي لا يُستَثْنَى منها أحدٌ، فكلُّ الخلْقِ خاضِعونَ لأمرِ اللَّهِ الكَونِيِّ، ولا أحدَ يقْدرُ أن يدفْعَ المرضَ أو الموتَ عن نفسه، ومنه قوله ﷾: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]، وإن جعلناه منْقَطِعًا فالمرادُ هو النَّوعُ الثاني مِنَ العُبودِيَّةِ.
النوع الثاني: العُبودِيَّةُ الخاصَّةُ، وهي التَّذَلُّلُ لأمرِ اللَّه الشرعيِّ، ومنها قوله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: ٦٣]. فهؤلاءِ تَذَلَّلُوا للأمرِ الشَّرْعِيِّ، وهنا في الآية الكريمةِ قال إبراهيمُ ﵇: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ﴾، فهو يريدُ التَّعَبُّدَ للَّه بالعبادةِ الشَّرعيةِ.
قوله: ﴿وَاتَّقُوهُ﴾ عَطْفًا على قولِهِ: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ﴾، والعَطفُ كما قِيلَ: يقْتَضِي المغَايَرةَ، ونحنُ ذكرنَا أن العِبادَةَ هي التَّذَلُّلُ للَّهِ ﷾ بالطاعةِ.
و(التقوى): اتِّخَاذُ وقايَةِ مِنْ عذابِهِ بطاعتِهِ، وعلى هذين التَّفْسِيرينِ يكون عطفُ التَّقْوى على العبادةِ من بابِ عطفِ الشَّيءِ على نَفْسِهِ، والمعروفُ أن بلاغَةَ القرآنِ
1 / 68