Tafsir al-Tabari - Jami' al-Bayan
تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث
संस्करण संख्या
بدون تاريخ نشر
शैलियों
عن مرض قلوبهم، الخبرَ عن مرض ما في قلوبهم من الاعتقاد = ولكن لمّا كان معلومًا بالخبَر عن مرض القلب، أنَّه معنىٌّ به مرضُ ما هم معتقدُوه من الاعتقاد -استغنى بالخبَر عن القلب بذلك = والكفاية عن تصريح الخبَر عن ضمائرهم واعتقاداتهم (١) كما قال عُمر بن لَجَأ:
وَسَبَّحَتِ الْمَدِينَةُ، لا تَلُمْهَا، ... رَأَتْ قَمَرًا بِسُوقِهِمُ نَهَارَا (٢)
يريد: وسبَّح أهل المدينة، فاستغنى بمعرفة السامعين خَبَرَه بالخبَرِ عن المدينة، عن الخبر عن أهلها. ومثله قول عنترة العبسي:
هَلا سَأَلتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ؟ ... إنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي (٣)
يريد: هلا سألتِ أصحاب الخيل؟ ومنه قولهم:"يا خَيْلَ الله اركبي"، يراد: يا أصحاب خيل الله اركبوا. والشواهد على ذلك أكثر من أن يُحصيها كتاب، وفيما ذكرنا كفاية لمن وُفِّق لفهمه.
فكذلك معنى قول الله جل ثناؤه: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) إنما يعني: في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين، والتصديق بمحمد ﷺ، وبما جاء به من عند الله - مَرَض وسُقْم. فاجتزأ بدلالة الخبَر عن قلوبهم على معناه، عن تصريح الخبر عن اعتقادهم.
والمرضُ الذي ذكر الله جل ثناؤه أنّه في اعتقاد قلوبهم الذي وصفناه: هو شكُّهم في أمر محمد وما جاء به من عند الله، وتحيُّرُهم فيه، فلا هم به موقنون إيقان إيمان، ولا هم له منكرون إنكارَ إشراك، ولكنهم، كما وصفهم الله ﷿، مُذَبْذَبُونَ بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء (٤) كما يقال: فلانٌ يمَرِّضُ في هذا الأمر،
(١) في المطبوعة: "والكناية عن تصريح الخبر. . . "، وقوله: "والكفاية عن تصريح الخبر. . . " معطوف على قوله"الخبر عن مرض ما في قلوبهم. . . "
(٢) يأتي البيت في تفسير آية البقرة: ١١٠ (١: ٣٩١ بولاق) .
(٣) في معلقته المشهورة.
(٤) تضمين آية سورة النساء: ١٤٣.
1 / 279