Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar
تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر
अन्वेषक
د عبد الله بن عبد المحسن التركي
प्रकाशक
دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
शैलियों
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّلُولِيُّ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ: «مَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَذَلِكَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ»
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْخَرَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْقَرْقَسَانِيُّ، عَنْ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْحَمْدُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَا تَمَانُعَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِلُغَاتِ الْعَرَبِ مَنِ الْحُكْمِ لِقَوْلِ الْقَائِلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا بِالصِّحَّةِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ إِذْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ صَحِيحًا، أَنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ قَدْ يُنْطَقُ بِهِ فِي مَوْضِعِ الشُّكْرِ، وَأَنَّ الشُّكْرَ قَدْ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْحَمْدِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَا جَازَ أَنْ يُقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا، فَيَخْرُجُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ⦗١٣٨⦘ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَصْدَرُ أَشْكَرَ، لِأَنَّ الشُّكْرَ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَعْنَى الْحَمْدِ، كَانَ خَطَأً أَنْ يَصْدُرَ مِنَ الْحَمْدِ غَيْرَ مَعْنَاهُ وَغَيْرَ لَفْظِهِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ إِدْخَالِ الْأَلْفِ وَاللَّامِ فِي الْحَمْدِ؟ وَهَلَّا قِيلَ: حَمْدًا لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قِيلَ: إِنَّ لِدُخُولِ الْأَلْفِ وَاللَّامِ فِي الْحَمْدِ مَعْنًى لَا يُؤَدِّيهِ قَوْلُ الْقَائِلِ حَمْدًا، بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ وَاللَّامِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ دُخُولَهُمَا فِي الْحَمْدِ مُنْبِئٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: جَمِيعُ الْمَحَامِدِ وَالشُّكْرُ الْكَامِلُ لِلَّهِ. وَلَوْ أُسْقِطَتَا مِنْهُ لَمَا دَلَّ إِلَّا عَلَى أَنْ حَمْدَ قَائِلِ ذَلِكَ لِلَّهِ، دُونَ الْمَحَامِدِ كُلِّهَا. إِذْ كَانَ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: حَمْدًا لِلَّهِ أَوْ حَمْدٌ لِلَّهِ: أَحْمَدُ اللَّهَ حَمْدًا، وَلَيْسَ التَّأْوِيلُ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] تَالِيًا سُورَةً أَمِ الْقُرْآنُ أَحْمَدَ اللَّهَ، بَلِ التَّأْوِيلُ فِي ذَلِكَ مَا وَصَفْنَا قَبْلُ مِنْ أَنَّ جَمِيعَ الْمَحَامِدِ لِلَّهِ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَإِنْعَامِهِ عَلَى خَلْقِهِ، بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّعَمِ الَّتِي لَا كُفْءَ لَهَا فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْعَاجِلِ وَالْآجِلِ. وَلِذَلِكَ مِنَ الْمَعْنَى، تَتَابَعَتْ قِرَاءَةُ الْقُرَّاءِ وَعُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى رَفْعِ الْحَمْدِ مِنَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] دُونَ نَصْبِهَا، الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى تَالِيهِ كَذَلِكَ: أَحْمَدُ اللَّهَ حَمْدًا. وَلَوْ قَرَأَ قَارِئٌ ذَلِكَ بِالنَّصْبِ، لَكَانَ عِنْدِي مُحِيلًا ⦗١٣٩⦘ مَعْنَاهُ وَمُسْتَحِقًّا الْعُقُوبَةَ عَلَى قِرَاءَتِهِ إِيَّاهُ كَذَلِكَ إِذَا تَعَمَّدَ قِرَاءَتَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ عَالِمٌ بِخَطَئِهِ وَفَسَادِ تَأْوِيلِهِ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ؟ أَحْمَدُ اللَّهَ نَفْسَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَأَثْنَى عَلَيْهَا، ثُمَّ عَلَّمَنَاهُ لِنَقُولَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ وَوَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ؟ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَا وَجْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذًا: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] وَهُوَ عَزَّ ذِكْرُهُ مَعْبُودٌ لَا عَابِدٌ؟ أَمْ ذَلِكَ مِنْ قِيلِ جِبْرِيلَ أَوْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَدْ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلَّهِ كَلَامًا. قِيلَ: بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ كَلَامُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ؛ وَلَكِنَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ حَمِدَ نَفْسَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهَا بِمَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، ثُمَّ عَلَّمَ ذَلِكَ عِبَادَهُ وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ تِلَاوَتَهُ، اخْتِبَارًا مِنْهُ لَهُمْ وَابْتِلَاءً، فَقَالَ لَهُمْ: قُولُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَقُولُوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ؛ فَقَوْلُهُ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥] مِمَّا عَلَّمَهُمْ جَلَّ ذِكْرُهُ أَنْ يَقُولُوهُ وَيَدِينُوا لَهُ بِمَعْنَاهُ. وَذَلِكَ مَوْصُولٌ بِقَوْلِهِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] وَكَأَنَّهُ قَالَ: قُولُوا هَذَا وَهَذَا. فَإِنْ قَالَ: وَأَيْنَ قَوْلُهُ: «قُولُوا» فَيَكُونُ تَأْوِيلُ ذَلِكَ مَا ادَّعَيْتَ؟ قِيلَ: قَدْ دَلَلْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ الْعَرَبَ مِنْ شَأْنِهَا إِذَا عَرَفَتْ مَكَانَ الْكَلِمَةِ وَلَمْ تَشُكَّ أَنَّ سَامِعَهَا يُعْرِفُ بِمَا أَظْهَرَتْ مِنْ مَنْطِقِهَا مَا حَذَفَتْ حُذِفَ مَا كَفَى ⦗١٤٠⦘ مِنْهُ الظَّاهِرُ مِنْ مَنْطِقِهَا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي حُذِفَتْ قَوْلًا أَوْ تَأْوِيلَ قَوْلٍ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
وَأَعْلَمُ أَنَّنِي لَأَكُونُ رَمْسًا ... إِذَا سَارَ النَّوَاعِجُ لَا يَسِيرُ
فَقَالَ السَّائِلُونَ لِمَنْ حَفَرْتُمْ ... فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ لَهُمْ وَزِيرُ
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يُرِيدُ بِذَلِكَ: فَقَالَ الْمُخْبِرُونَ لَهُمُ: الْمَيِّتُ وَزِيرٌ، فَأَسْقَطَ الْمَيِّتَ، إِذْ كَانَ قَدْ أَتَى مِنَ الْكَلَامِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:
[البحر الكامل]
وَرَأَيْتِ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا
⦗١٤١⦘ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ الرُّمْحَ لَا يُتَقَلَّدُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ: وَحَامِلًا رُمْحًا. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعْلُومًا مَعْنَاهُ اكْتَفَى بِمَا قَدْ ظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ عَنْ إِظْهَارِ مَا حَذَفَ مِنْهُ. وَقَدْ يَقُولُونَ لِلْمُسَافِرِ إِذَا وَدَّعُوهُ: مُصَاحَبًا مُعَافًى، يَحْذِفُونَ سِرْ وَاخْرُجْ؛ إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مَعْنَاهُ وَإِنْ أُسْقِطَ ذِكْرُهُ. فَكَذَلِكَ مَا حُذِفَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] لَمَّا عَلِمَ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: ٥] مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] مِنْ مَعْنَى أَمْرِهِ عِبَادَهُ، أَغْنَتْ دَلَالَةُ مَا ظَهْرَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ عَنْ إِبْدَاءِ مَا حُذِفَ. وَقَدْ رُوِّينَا الْخَبَرَ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مُبْتَدَأً فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِمُحَمَّدٍ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] " وَبَيَّنَا أَنَّ جِبْرِيلَ إِنَّمَا عَلَّمَ مُحَمَّدًا ﷺ مَا أُمِرَ بِتَعْلِيمِهِ إِيَّاهُ. وَهَذَا الْخَبَرُ يُنْبِئُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ
1 / 137