تفسير الشعراوي

الشعراوي d. 1418 AH
55

تفسير الشعراوي

تفسير الشعراوي

शैलियों

[الأنبياء: 98]. لماذا هم وما يعبدون؟ لأن العابد يرتجي نفع المعبود. فكأنهما عندما يرى كل منهما الآخر في العذاب تكون الحسرة أشد، ولذلك فإن الحجارة والأصنام التي يعبدونها ستكون معهم في النار يوم القيامة، وليس هذا عقابا للأحجار والأصنام لأنها خلق مقهور لله مسبح له، ولكن هذه الأصنام والأحجار تكون راضية وهي تحرق الذين كفروا بالله، وتقول: عبدونا ونحن أعبد لله من المستغفرين بالأسحار. وقوله تعالى: { أعدت للكافرين } [البقرة: 24] الله سبحانه وتعالى يخبرهم وهم في الدنيا، أن النار أعدت للكافرين، وهذا تطمين غاية الاطمئنان للمؤمن. وإرهاب غاية الإرهاب للكافر.. وقوله تعالى { أعدت.. } [البقرة: 24] معناها: أنها موجودة فعلا، وإن لم نكن نراها، وأنها مخلوقة، وإن كانت محجوبة عنا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" عرضت علي الجنة ولو شئت أن آتيكم منها بقطاف لفعلت ".

وهذا دليل على أنها موجودة فعلا. والمؤمن حينما يعلم أن الجنة موجودة فعلا، وأن الإيمان سيقوده إليها، فإنه يحس بالسعادة ويشتاق للجنة، فإذا سمع قول الحق سبحانه وتعالى:

أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون

[المؤمنون: 10-11]. ساعة تقرأ هذه الآية الكريمة تعرف أن الله سبحانه وتعالى سيجعلك في الجنة تأخذ ما كان لغيرك. لأن الميراث يأتيك من غيرك . وقد سبق علم الله سبحانه وتعالى خلق الناس جميعا. وقبل أن يخلق أعد لكل فرد من خلقه مقعدا في النار ومقعدا في الجنة. الذين سيدخلون النار خالدين فيها، مقاعدهم في الجنة ستكون خالية، فيأتي الله سبحانه وتعالى يعطيها للمؤمنين ليرثوها فوق مقاعدهم ومنازلهم في الجنة. والحق سبحانه عندما يقول: { أعدت.. } [البقرة: 24] فهي موجودة فعلا.

[2.25]

وبعد أن بين الله سبحانه وتعالى لنا مصير الكافرين الذين يشككون في القرآن ليتخذوا من ذلك عذرا لعدم الإيمان، قال: إذا كنتم قد اخترتم عدم الإيمان، بما أعطيتكم من اختيار في الدنيا، فإنكم في الآخرة لن تستطيعوا أن تتقوا النار، ولن تكون لكم إرادة. ثم يأتي الحق تبارك وتعالى بالصورة المقابلة. والقرآن الكريم إذا ذكرت الجنة يأتي الله بعدها بالصورة المقابلة وهي العذاب بالنار. وإذا ذكرت النار بعذابها ولهيبها ذكرت بعدها الجنة. وهذه الصورة المتقابلة لها تأثير على دفع الإيمان في النفوس، فإذا قرأ الإنسان وصفا للعذاب، ثم جاء بعد ذلك النعيم فإنه يعرف أنه قد فاز مرتين، فالذي يزحزح عن النار ولا يدخلها يكون ذلك فوزا ونعمة، فإذا دخل الجنة تكون نعمة أخرى، ولذلك فإن الله تعالى يقول:

فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز..

[آل عمران: 185]. ولم يقل سبحانه: ومن أدخل الجنة فقد فاز لأن مجرد أن تزحزح عن النار فوز عظيم.. وفي الآخرة. وبعد الحساب يضرب الصراط فوق جهنم، ويعبر من فوقه المؤمنون والكافرون. فالمؤمنون يجتازون الصراط المستقيم كل حسب عمله منهم من يمر بسرعة البرق، ومنهم من يمر أكثر بطأ.. وهكذا، والكافرون يسقطون في النار. ولكن لماذا يمر المؤمنون فوق الصراط. والله سبحانه وتعالى قال:

وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا

अज्ञात पृष्ठ