تفسير الشعراوي
تفسير الشعراوي
शैलियों
رب اجعل هذا البلد ءامنا..
[إبراهيم: 35].. طلب من الله شيئين.. أن يجعل هذا المكان بلدا وأن يجعله آمنا. ما معنى أن يجعله بلدا؟ هناك أسماء تؤخذ من المحسات.. فكلمة غصب تعني سلخ الجلد عن الشاة وكأن من يأخذ شيئا من إنسان غصبا كأنه يسلخه منه بينما هو متمسك به. كلمة بلد حين تسمعها تنصرف إلى المدينة.. والبلد هو البقة تنشأ في الجلد فتميزه عن باقي الجلد كأن تكون هناك بقعة بيضاء في الوجه أو الذراعين فتكون البقعة التي ظهرت مميزة ببياض اللون.. والمكان إذا لم يكن فيه مساكن ومبان فيكون مستويا بالأرض لا تستطيع أن تميزه بسهولة.. فإذا أقمت فيه مباني جعلت فيه علامة تميزه عن باقي الأرض المحيطة به. وقوله تعالى: { وارزق أهله من الثمرات } [البقرة: 126].. هذه من مستلزمات الأمن لأنه ما دام هناك رزق وثمرات تكون مقومات الحياة موجودة، فيبقى الناس في هذا البلد.. ولكن إبراهيم قال: { وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم } [البقرة: 126] فكأنه طلب الرزق للمؤمنين وحدهم.
. لماذا؟ لأنه حينما قال له الله:
إني جاعلك للناس إماما..
[البقرة: 124]. قال إبراهيم:
ومن ذريتي..
[البقرة: 124]. قال الله سبحانه:
لا ينال عهدي الظالمين
[البقرة: 124]. فخشي إبراهيم وهو يطلب لمن سيقيمون في مكة أن تكون استجابة الله سبحانه كالاستجابة السابقة.. كأن يقال له لا ينال رزق الله الظالمون. فاستدرك إبراهيم وقال: { وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم } [البقرة: 126].. ولكن الله سبحانه أراد أن يلفت إبراهيم إلى أن عطاء الألوهية ليس كعطاء الربوبية.. فإمامة الناس عطاء ألوهية لا يناله إلا المؤمن، أما الرزق فهو عطاء ربوبية يناله المؤمن والكافر لأن الله هو الذي استدعانا جميعا إلى الحياة وكفل لنا جميعا رزقنا.. وكأن الحق سبحانه حين قال:
لا ينال عهدي الظالمين
अज्ञात पृष्ठ