Tafsir al-Qur'an al-Karim wa I'rabuhu wa Bayanuhu - al-Durra
تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه - الدرة
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
शैलियों
والمكر، والخداع، لذا يصح القول: إنّ من البشر شياطين بثياب البشر، قال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١١٢]: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ..﴾. إلخ. ﴿قالُوا إِنّا مَعَكُمْ:﴾ أي: في الدّين، والاعتقاد، خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية، والشياطين بالجملة الاسمية المؤكّدة ب (إنّ) لأنهم قصدوا بالأول دعوى إحداث الإيمان، وبالثانية تحقيق ثباتهم على ما كانوا عليه من الفساد، والضلال. ﴿إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ:﴾ أي بهؤلاء الذين تبعوا محمدا، وصدقوه، ويصدّقونه بكلّ ما يقوله لهم، ويأمرهم به.
تنبيه: قال ابن عباس-﵄: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبيّ، وأصحابه، وذلك لأنّهم خرجوا ذات يوم، فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله ﷺ، فقال عبد الله بن أبيّ لأصحابه: انظروا كيف أردّ هؤلاء السّفهاء عنكم! فأخذ بيد أبي بكر-﵁ فقال: مرحبا بالصديق، سيد بني تميم، وشيخ الإسلام، وثاني رسول الله في الغار، الباذل نفسه، وماله لرسول الله ﷺ! ثم أخذ بيد عمر-﵁-فقال: مرحبا بسيد بني عدي ابن كعب، الفاروق القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله ﷺ! ثم أخذ بيد عليّ-﵁-فقال: مرحبا بابن عمّ رسول الله ﷺ، وختنه، وسيد بني هاشم، ما خلا رسول الله! فقال له عليّ-كرّم الله وجهه-: اتق الله يا عبد الله، ولا تنافق، فإن المنافقين شرّ خليقة الله تعالى! فقال: مهلا يا أبا الحسن! إني لا أقول هذا نفاقا، والله إن إيماننا كإيمانكم، وتصديقنا كتصديقكم! ثم تفرقوا، فقال عبد الله لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت، فأثنوا عليه خيرا. انتهى.
خازن.
أقول وبالله التوفيق: في زمننا هذا كثير من الناس يهزءون بالإسلام، وبتعاليمه، وبالمسلمين الصّادقين، ولا يقيمون لله فرضا، ولرسول الله ﷺ سنّة، ثم يدّعون الإسلام، والإيمان، ويقولون لمن ينتقدهم: أنتم لستم أحسن منّا، نحن مسلمون مثلكم، وإسلامنا مثل إسلامكم.
الإعراب: (﴿إِذا﴾): انظر الآية رقم [١١]، هذا و(﴿إِذا﴾): ظرف لما يستقبل من الزمان، وفيه معنى الشرط، واختلف في ناصبها، بالجواب، واعترض بأنّ الجواب قد يقترن بالفاء، وما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، وقيل: بالشرط، واعترض أيضا بأنها مضافة للشرط، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، وأجيب عن هذا الاعتراض بأن القائلين: إنّ الناصب هو الشّرط، لا يقولون بإضافة «إِذا» إليه، فلذا كان الثاني أرجح من الأول، وإن كان الأول أشهر، فقول المعربين:
خافض لشرطه، منصوب بجوابه، جرى على غير الرّاجح، ولذا كانت عبارة سيبويه محتملة لما تريد من احتمالات.
﴿لَقُوا:﴾ فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والألف للتفريق، هذا هو الإعراب المتعارف عليه في مثل هذه الكلمة، والإعراب
1 / 55