250

Tafsir Al-Muntasir Al-Kattani

تفسير المنتصر الكتاني

शैलियों

تفسير قوله تعالى: (جنات عدن تجري من تحتها الأنهار)
قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلى﴾ [طه:٧٥] ثم فسرها الله، فقال: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ [طه:٧٦].
فهذه الدرجات عُلى، ثم شرحها الله تعالى وبين أنها جنان: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ [طه:٧٦] أي: جنات إقامة دائمة، ومنه المعدن، أي: النوع المقيم في الأرض قبل أن يستخلص ويؤخذ ويستفاد منه.
فقوله: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ [طه:٧٦] أي: جنات دائمة، جنات مقيمة، جنات جعلت للدوام والبقاء الخالد.
﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [طه:٧٦]: أي: ومع كونها مقيمة خالدة أبدًا سرمدًا إلى يوم القيامة فإن الأنهار تجري من تحتها.
وكما أن أهل النار كلما نضجت جلودهم أبدلهم الله غيرها، فالجنة تتجدد خلايا ساكنيها وشبيبتهم وحيويتهم وشهواتهم ورغباتهم وكأنهم لم يكونوا يومًا شيوخًا ولا مرضى ولا أمواتًا.
وهم شباب في سن ثلاث وثلاثين على أجمل ما يكونون شكلًا وقوة ونفسًا وراحة.
هكذا يقول هؤلاء الشهداء قبل أن يستشهدوا، فيتحدون الباطل في شخص فرعون، ويتحدون الظلم في شخص قوم فرعون، ويأبون إلا أن يؤمنوا تائبين، عابدين دعاة إلى الله مذكرين.
وكانوا يتحدون فرعون وهامان وموسى ينظر إلى ذلك وهارون وهما قريرا العين، بل في لذة النصر ولذة الاتباع في الإيمان، وأن فرعون الطاغية الظالم قد أخزاه الله وأذله على ملأ من قومه.
وهؤلاء الذين أكرههم على السحر قد تحدوه، وقد حقروه، وقد ازدروه، بل وانقلبوا يقولون عنه فاجر ظالم كاذب.
ثم أخذوا يدعونه إلى الله، وأن الله يقبل التوابين ويغفر للمذنبين إن استغفروا وتابوا وأنابوا، وأن من بقي على كفره إلى الموت لا مكان له في الجنة، بل مكانه جهنم خالدًا فيها أبد الآبدين، ومن أتى ربه تائبًا مستغفرًا فمكانه الجنان والدرجات العلى منها منعمًا، مكرمًا.

39 / 7