78
قوله : { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون } أي : حرفوه عن مواضعه وجعلوه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا .
وقال بعضهم : حرفوا كتاب الله وابتدعوا فيه ، وزعموا أنه من عند الله ، ثم احتج عليهم بهذا لقولهم : إن عيسى ينبغي أن يعبد ، وإنهم زعموا قبلوا ذلك من عند الله ، وهو في كتابهم زعموا الذي نزل من عند الله . فقال الله { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة } كما آتى عيسى { ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله } أي اعبدوني من دون الله ، يقول : لا يفعل ذلك من آتاه الله الكتاب والحكم والنبوءة { ولكن } يقول لهم : { كونوا ربانيين } أي علماء فقهاء في تفسير الحسن وغيره . وفي تفسير مجاهد : ولكن كونوا حكماء فقهاء { بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون } أي تقرأون .
{ ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا } أي من دون الله . { أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون } على الاستفهام ، أي لا يفعل ذلك .
ذكروا عن ابن مسعود قال : قال رسول الله A : « تعلموا القرآن وعلموه الناس ، وتعلموا العلم وعلموه الناس ، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس ، ألا إنه يوشك أن يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان أحدا يفصل بينهما » .
ذكروا عن ابن مسعود أنه قال : اغد عالما أو متعلما ، ولا تكن فيما بين ذلك ، فإن ما بين ذلك جهل . وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع .
ذكروا عن أبي الدرداء قال : ألا حبذا العالم والمتعلم ، ولا تكن الثالث فتهلك .
ذكروا عن ابن مسعود أنه قال : تعلموا العلم قبل أن يقبض ، فإن ذهاب العلم أن يقبض أهله ، وإن أحدكم سيحتاج إلى غيره أو يحتاج إليه ، فإنكم ستجدون قوما يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم ، فعليكم بالعلم ، وإياكم والبدع والتنطع ، وعليكم بالعتيق .
ذكروا أن رسول الله A قال : « لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم » ؛ فقال زياد بن لبيد : يا رسول الله ، أيرفع العلم ونحن نقرأ القرآن أبناؤنا ونساؤنا؟ فقال : « ثكلتك أمك . قد كنت أعدك من فقهاء المدينة؛ أوليس كتاب الله عند اليهود والنصارى فما أغنى عنهم؟ إن ذهاب العلم ذهاب العلماء » .
पृष्ठ 167