288

तफ़सीर इब्न बादिस

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

संपादक

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

प्रकाशक

دار الكتب العلمية بيروت

संस्करण

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

प्रकाशक स्थान

لبنان.

शैलियों

إقتداء:
العلماء ورثة الأنبياء. وما ورث الأنبياء دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، والعلم مستمد من الرسالة، فعلى أهله واجب التبليغ والنذارة، والصبر على ما في طريق ذلك من الأذى والبلايا، والعطف على الخلق والرحمة، وقد قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢].
التدريج في الإنذار:
أرسل الله محمدًا- ﵌ للعالمين بشيرًا ونذيرًا.
ودرجه في النذارة على مقتضى الحكمة، من القريب إلى البعيد.
فأمره بإنذار عشيرته بقوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]، فصعد الصفا فنادى بطون قريش حتى نادى العباس عمه، وصفية عمته، وفاطمة ابنته، وقال لهم: «اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا» (١).
وأمره بإنذار من حول مكة من العرب بقوله تعالى: ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الشورى: ٧]. على الوجه الأقرب في معنى: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ المؤيد بصدر الكلام وهو قوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الشورى: ٧].
ومثلها في إنذار العرب ما في هذه الآية، وهو قوله: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ [يس: ٦].
فكان يعرض نفسه على قبائل العرب في المواسم (٢).
وأمره بتعميم الإنذار بمثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨].
فأرسل رسله إلى الأمم تحمل كتبه إلى ملوكها بالدعوة إلى الإسلام، وكان ذلك هو الإنذار العام.
الدفاع أشكال:
قد كان النبي يُرسَل إلى قومه خاصة، وأرسل نبينا ﵌ إلى الناس عامة، بمثل قوله: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩]، أي بالقرآن كل من بلغه القرآن. ولا

(١) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري في الوصايا باب ١١، وتفسير سورة ٢٦ باب ٢. والنسائي في الوصايا باب ٦. والدارمي في الرقاق باب ٢٣.
(٢) روى ابن ماجة في سننه (المقدمة، باب ١٣، حديث ٢٠١) عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله ﷺ يعرض نفسه على الناس في المَوْسِمِ فيقول: "أَلاَ رَجُلٌ يَحْمِلُنِى إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِى أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّى".

1 / 296