320

तफ़सीर

تفسير اطفيش

शैलियों

264

{ يآيها الذين ءامنوا لا تبطلوا صدقتكم بالمن والأذى } أى ولا بالأذى . فكل واحد منهما مبطل لثواب الصدقة ولو انفرد ، وكيف اجتماعهما ، وموجب للعقاب ، لأنه ظلم للفقير ، ويقال : مبطل للثواب ولا عقاب ، ويقال ، مبطل للمضاعفة ولا عقاب ، والحق ما مر ، وقيل المن على الله ، والأذى للفقير { كالذى } إبطالا كإبطال الذى ، أو كائنين كالذى ، تشبيه للجماعة بالواحد أو بالجماعة على معنى ، كالفريق الذى { ينفق ماله رئآء الناس } إنفاق رئاء الناس ، أو لأجل رئاء الناس ، أو مرائيا لهم ، كذا يقولون ، وهو عجيب ، كيف لا يقتصر على أنه مفعول من أجله مع سلامته من تأويل وتقدير ، والفعال على بابه ، لأنه يرى الناس الإنفاق ، ويرونه الثناء ، والمراد مبطل لثواب عمله ، وفاسق يرثائه ، هذا هو الصحيح ، وزعم بعض العزالى أنه إن قصد الرئاء ، ورضى الله أو ثوابه لم يبطل عمله ، وبعض ، إن كان الرئاء غالبا بطل علمه ، وإن كان مغلوبا لم يبطل ، وإن كان مساويا لم يبطل عند بعض ، وبطل عند بعض ، وهذا فى الموحد المنافق بالكبيرة ، وأما المنافق بإضمار الشرك فلا قائل بعدم إبطال علمه ، والآية فيه لقوله تعالى : { ولا يؤمن بالله واليوم الأخر } أفادت الآية أن من أنكر البعث خلقك : الآية ، وذلك متبادر مع احتمال أن الآية فيمن كفر بالله من قلبه { فمثله } مثل الذى ينفق للرئاء ، لأنه أقرب مذكور ، أو مثل المبطل لصدقته بالمن والأذى الذى هو فرد من الحج ، فى قوله : لا تبطلوا . . . الخ ، وهذا ضعيف ، لأن فيه إفرادا من الجمع ولبعده ، ولكن الغرض من التشبيه فى الأغلب أن يعود إلى المشبه ، والغرض هنا بيان حال المشبه ، بأنه لا ينتفع بصدقته { كمثل صفوان } حجر خالص ، ما فيه هشاشة ، وهو مفرد ، اسم جمع ، وقيل : اسم جنس ، وله مفرد بالتاء ، وهو صفوانة ، وإفراد ضميره بعد ذلك قابل لذلك ، والأولى الإفراد إذا قلنا اسم جمع أو اسم جنس ، وقيل جمع صفاء ، ويرده إفراد ذلك الضمير فى قوله تعالى { عليه تراب فأصابه } أصاب الصفوان { وابل } مطر شديد ، وهو رش ، فطش ، فطل ، فنض ، فيطل ، فوابل { فتركه } أى الصفوان { صلدا } نقيا من التراب ، ما عليه غبره ، ولو رددنا ضمير أصابه للتراب وهاء تركه للصفوان لكان فيه تفكيك الضمائر ، والأولى خلافه { لا يقدرون } أى لا يقدر الذين يبطلون صدقاتهم بالمن والأذى والذى ينفق ماله رئاء الناس ، أو لا يقدر الذى ينفق الرئاء ، لأن المراد به الجنس ، فيسرى انتفاء القدرة إلى مبطلى صدقاتهم بالمن والأذى ، إذ شبهوا بالمنفق رئاء { على شىء } أى على ثواب شىء { مما كسبوا } من التصدق والإنفاق ، كما لا يقبت التراب على الصلد ، ولا يحرث ولا يعرس فلا ثمرة منه ، أو المنافق ، كالحجر فى عدم الانتفاع ، وإنفاقه كالتراب لرجاء النفع فى الإنفاق بالأجر ، وفى التراب بالإنبات وغير ذلك ، ورده كالوابل المذهب له سريعا ، الضار من حيث يظن النفع ، ويجوز أن يراد بشىء نفس الثواب ، أى لا يقدرون على ثواب يحصلونه مما كسبوا ، وضمير الجمع فى الموضعين مراعاة لمعنى الذى ، المراد به الجنس بعد مراعاة لفظه ، وقيل : الذى يطلق على المفرد والجمع { والله لا يهدى } لا يوفق القوم { الكفرين } المشركين ، المختوم عليهم بالشقاوة ، إلى الحق ، وذلك عموم شامل للمؤذى والمان والمرائى ، أو هم المراد ، ولم يضمر لهم إشعارا بأن كفرهم جر لهم ذلك الإيذاء والمن والرثاء ، وإشعارا بأن ذلك من صفات الكفار فيجتنب .

पृष्ठ 320