10
{ في قلوبهم مرض } كفر بالقرآن والنبي A ، وعداوته وعداوة المؤمنين ، وسره الاعتقاد والجهل ، وذلك شبيه بمرض الجسم فى الإيصال إلى مطلق الضر ، فإن المضر موجع وقاتل ومانع من التصرف فى المصالح ، وما فى قلوبهم مؤد إلى النار مانع من التصرف بأعمال الإسلام ، أو يشبه تألم قلوبهم بقوة الإسلام وانتظام أمره بتألمهم بمرض البدن ، فسمى التألم مرضا ، وحقيقة المرض حالة خارجة من الطبع ضارة بالفعل لا بالقوة خاصة ، والقرينة المشروطة فى المجاز تمنع الحقيقة ، ولا يلزم أن تمنع احتمال مجاز آخر . فلك حمل الآية علىهذا التألم ، وعلى ما ذكرت قبل { فزادهم } بسبب ذلك المرض { الله مرضا } بما أنزل من القرآن بعد ما كفروا بما أنزل منه قبل ، والله يجازى المذنب بالإيقاع فى ذنب آخر ، كما يجازى المطبع بالتوفيق إلى طاعة أخرى ، وكلما نزلت آية أو وحى كفروا به ، لأنه طبع على قلوبهم ، وذلك زيادة مرض { ولهم عذاب أليم } موجع بفتح الجيم والموجع بفتحها حقيقة هم لا العذاب ، لكن أكد شدة العذاب حتى كأنه معذب بفتح الذال ، وهذا بليغ ، ولا بلاغة فى قولك عذاب موجع ، بكسر الجيم ، فأليم فعميل بمعنى مفعل بضم الميم وفتح العين ، ولك إبقاؤه على ظاهره ، أى متوجع بكسر الجيم ، ففيه البلاغة { بما كانوا يكذبون } أى بتكذيبهم النبي A ، وما مصدرية ، وجرت عادتهم بالاكتفاء بالمصدر من خبر كان الذى بعدها ، والأصل أن يقال بكونهم يكذبون ، ولا حاجة إلى قولك بالتكذيب الذى كانوا يكذبونه النبي A ، أو يتكذيب يكذبونه A على أن ما اسم موصول ، أو نكرة موصوفة ، والهاء مفعول مطلق .
पृष्ठ 17