روى أن المسلمين قالوا لحلفائهم من اليهود ، آمنوا برسول الله A ، فقالوا : وددنا لو كان خيرا مما نحن فيه فنتبعه ، فنزلت الآية تكذيبا لهم ، ومعنى تكذيبهم ، أنه A على خير مما هم فيه ، ولم يؤمنوا ، وقيل : نزلت تكذيبا لجماعة من اليهود ، يظهرون أنهم يحبون المؤمنين ، وإنما قال عليكم مع أن الوحى على سيدنا محمد A لأنا متعبدون بما أنزل إليه ، فهو خطاب متوجه إلينا ، وواقع علينا بواسطة رسول الله A ، وهذا أبلغ من تقدير مضاف ، أى ينزل على نبيكم ، ولا تنزيل إلا من الله ، ومع ذلك قال { من ربكم } إغاظة للكفار ، وتحبيبا لنفسه إلينا ، وتذكيرا لنعمة التربية منه ، والعبودية منا له { والله يختص برحمته } أى السعادة والجنة ، أو النبوة ، أو هى الخير المذكور ، ذكره بالاسم الظاهر تصريحا بأنه رحمة من الله ، وفضل لا واجب عليه ، ولا يوجبه عمل عامل ، أو أراد بالرحمة مطلقها فى الأمة وسائر الأمم { من يشآء } هو النبى A وأمته دون اليهود والمشركين والمنافقين ، وهو العموم { والله ذو الفضل العظيم } كل خير دينى أو دنيوى أو أخروى منة من الله D ، ولما قال اليهود والمشركون من العرب : محمد يقول من عنده لا من الله ، لأنه يأمر بأمر ثم ينهى عنه نزل :
{ ما ننسخ من ءاية } نرفع حكمها ولفظها ، أو نرفع حكمها ، ونبقى لفظها ، أو نرفع لفظها ونبقى حكمها { أوننسها } نرفعها من قلبك ، ونمحها منه ومن قلوب أصحابك فلا يدركون لفظها ولا معناها ، ولا العمل بها ، وهذا قسم آخر ، لأنه قد يكون فى الأخبار ، وقد يكون فى غيرها ، فإما أن يكون معناها فى آية أخرى ، أولا ، فيكون قد رفع التكليف بها ، وهو شامل النبى A لقوله تعالى : { سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله } وأما الامتناع فى قوله تعالى : { ولو شئنا لنذهبن بالذى أوحينا إلينا } فباعتبار مالا يجوظ نسخه ، أو باعتبار الكل ، وبين النسخ والإنساء عموم وخصوص يجتمعان فى الرفع عن القلوب ، ويختص النسخ بمنسوخ الحكم مع بقاء التلاوة ، وبالعكس ، ويختص الإناء بالأخباء التى أذهبت عن القلوب { فأت بخير منهآ } ثوابا أو سهولة فى الامتثال { أو مثلهآ } فى ذلك ، كما قال : « وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل ، قالوا : إنما أنت مفتر » .
روى أن جماعة من الصحابة قاموا ليلة ليقرأوا سورة ، فلم يبق لهم منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ، فأخبروه A غدوة الليلة ، فقال : رفعت تلاوتها وحكمها ، ومما نسخ لفظه وحكمه : عشر رضعات معلومات يحرمن ، وكثير من سورة الأحزاب ، وكانت كالبقرة ، إلا أنه يحتمل بقاء بعض حكمها فى سورة أخرى .
पृष्ठ 124