88
{ وقالوا } للنبي A استهزاء به A { قلوبنا غلف } جمع أغلف ، كحمر جمع أحمر ، طبعت على أن لا يصل إليها ما يذكر لها من الوعظ والأمر والنهى ، كشىء متعظ أغلف بغطاء حسى ، فالآية تشبيه أو استعارة ، كما فى زيد أسد ، ولا يوجد فى اللغة الغلفة بمعنى الرين حقيقة ، بل مجاز ، كما أريد فى الآية ، والرين وقع فى قلوبهم تحقيقا ، وكذبوا فى قولهم خلقت لا يصل إليها ذلك ، لأنهم متمكنون من الفهم ، وأعرضوا كل مولود يولد على الفطرة ، فذلك الإعراض كان به الرين ، وبعضهم فهم الحق وجحد ، وذلك الجحود ، وذلك الفعل رين مانع عن النظر والقبول ، وترك الجحود ، أو جمع غلاف . فأصله ضم اللام سكن تحقيقا ككتاب وكتب ، أى أوعية للعلم ، فلو كان قولك حقا لوعته ، أو استغنينا بما فيها من العلم بالتوراة ، أو بسلامة الفطرة عن غيره ، كما يمنع الغلاف الزيادة { بل } أى ليس كما قالوا من الخلقة على عدم الفهم ، أو امتلائها علما ، ومن عدم حقية ما يقول محمد A { لعنهم الله } أبعدهم بالخدلالن عن القبول { بكفرهم } أى بكفرهم السابق الذى جر إليهم قولهم ، قلوبنا غلف ، ولم تأبه قلوبهم لعدم كونه حقا ، فإنه حق ، ولكن خذلهم الله D ، أو أبعدهم عن رحمته بكفرهم هذا الذى هو قولهم قلوبنا غلف { فقليلا ما } صلة لتأكيد القلة { يؤمنون } أى يؤمنون إيمانا قليلا جدا ، لقلة ما آمنوا به ، أو لقلة من آمن ، أو زمانا قليلا ، فإن قله ما آمنوا به قلة لزمان يوقع فيه الإيمان ، ولو كثر ما أومن به لكثر زمان الإيمان ، إذ تنزل الآية فيؤمنون بها ، وتنزل الأخرى فى زمان فيؤمنون ، وهكذا ، وقلة من أمن من قلة الزمان إيقاع الإيمان ، إذ لو كثر من آمن لوقع إيمان هذا فى زمان ، وهذا فى زمان آخر ، وهكذا ، فتكثر أزمنة إيقاع لإيمان ، وأما قولهم آمنوا بالذى أنزل على الدين آمنوا وجه النهار . . . أو أراد بالذلة النفى ، كما جاء أنه A يقل اللغو ، ولا مانع من ذلك ، وقيل : المراد إيمانهم حال الاحتصار تخقيقا ، لكن لا يقبل .
पृष्ठ 105