283

اخسئوا فيها ولا تكلمون

[المؤمنون:108]؟!

قالوا: فهذه الوجوه مما توجب القطع بعدم العقاب.

واعلم أن أكثرها مبنية على أصول المعتزلة من التحسين والتقبيح العقليين، وأن الأصلح واجب على الله، ولا محيص لهم عنها من جهة العقل.

والأشاعرة أجابوا عن هذه الشبه بمنع صحة تلك الأصول، وبما تواتر من الآيات والأخبار المنقولة من الرسول (صلى الله عليه وآله)، الورادة في باب خلود الكفار في عذاب النار.

وأما على أصولنا الحكمية الإيمانية، فالجواب عنها بما مر من أن العقوبة إنما لحق الكفار، لا من جهة انتقام منتقم خارجي، يفعل الإيلام والتعذيب على سبيل القصد وتحصيل الغرض، حتى يرد السؤال في الفائدة وعدم الفائدة او في كون المنفعة عائدة إليه تعالى أو الى العبد، بل العقوبة إنما تلحقهم من باب اللوازم والتبعات والنتايج والثمرات، فهذا هو الجواب بحسب الأصول الحقة عن الإشكال الوارد على أصل العقاب.

وأما الإشكال الوارد على دوام العذاب وأبديته للكفار، فوروده من جهة أخرى غير جهة التحسين والتقبيح، فلذلك كان موجب تحير الحكماء ودهشة أفاضل العرفاء، حتى أن الشيخ العارف السبحاني محيي الدين الأعرابي وتلميذه الشيخ صدر الدين القونوي قدس سرهما، صرحا القول بانتهاء مدة العقاب وعدم تسرمد العذاب، وتبعهما غيرهما من شراح الفصوص ومن يحذو حذوهم.

قال في الفص الإسماعيلي: " الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد بل بالتجاوز:

فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله

[إبراهيم:47]. ولم يقل: ووعيده: بل قال:

अज्ञात पृष्ठ