{ ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك } نزلت في عبدالله بن سلام، أودعه رجل ألفا ومائتي أوقية ذهبا فأداه إليه، وفي فنحاص اليهودي أودعه رجل قريشي دينارا فجحده عن ابن عباس، وقيل: نزلت في اليهود والنصارى، فالذي يؤدي الأمانة النصارى، والذي لا يؤديها اليهود، وقيل: قالت اليهود: الأموال كلها لنا فيما في أيدي العرب لنا ظلمونا وغصبونا، فلا سبيل علينا في أخذنا إياه منهم { إلا ما دمت عليه قائما } إلا مدة دوامك عليه يا صاحب الحق قائما على رأسه متوكلا عليه بالمطالبة أو بالرفع إلى الحاكم وإقامة البينة { ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين } يعنون الذين ليسوا من أهل الكتاب وما فعلنا بهم من حبس أموالهم والاضرار بهم، لأنهم ليسوا على ديننا وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم ويقولون ما لم يجعل له في كتابنا حرمة، وقيل: بايع اليهود رجالا من قريش فلما أسلموا تقاضوهم فقالوا: ليس علينا حق { ويقولون على الله الكذب } بادعائهم أن ذلك في كتابهم { وهم يعلمون } أنهم كاذبون { بلى } إثبات لما نفوه من السبيل { من أوفى بعهده } لأنهم إذا وفوا بالعهود وفوا أول شيء بالعهد الأعظم، وهو ما أخذ عليهم في كتبهم من الايمان برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مصدقا لما معهم { فإن الله يحب المتقين } نزلت في عبد الله بن سلام { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا } نزلت في أبي رافع بن حيي بن اخطب حرفوا التوراة وبدلوا صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذوا الرشوة على ذلك، وقيل: جاءت جماعة من اليهود إلى كعب بن الأشرف في سنة أصابتهم ممتارين، فقال لهم: هل تعلمون أن هذا الرجل رسول الله؟ قالوا: نعم، قال: لقد هممت أن أميركم وأكسوكم فحرمكم الله خيرا كثيرا، فقالوا: لعله شبه علينا فانطلقوا وكتبوا صفته غير صفته، ثم رجعوا وقالوا: قد غلطنا وليس هو الذي بعث ففرح وأمارهم { أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله } بكلام يسرهم { ولا ينظر إليهم } أي لا يرحمهم ولا يحسن إليهم { ولا يزكيهم } أي لا يريد بهم خيرا ولا يثني عليهم، وقوله تعالى: { ولا ينظر إليهم } مجاز عن الاستهانة والسخط عليهم، { وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب } يعني يحرفونه { ويقولون هو من عند الله } فأكذبهم الله بقوله: { وما هو من عند الله } وفي الآية دليل واضح على أن أفعال العباد منهم وبطلان قول المحبرة لأن عندهم أنها مخلوقة، والآية نزلت في كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وجماعة من أحبار اليهود وأشرافهم.
[3.79-89]
{ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة }
" قيل: أن أبا رافع ورئيس وفد نجران قالا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أتريد أن نعبدك ونتخذك الها، قال: " معاذ الله أن نعبد غير الله فما لذلك بعثني ولا بذلك أمرني "
فنزلت الآية، قال تعالى: { ولكن كونوا ربانيين } فقهاء علماء، وعن محمد بن الحنفية أنه قال: حين مات ابن عباس (رحمه الله تعالى) اليوم مات رباني هذه الأمة، قوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين } قيل: هو على ظاهره من أخذ الميثاق على النبيين، وقيل: أراد ميثاق أولاد النبيين، وهم بنو إسرائيل، وقيل: أراد النبيين وأممهم { إصري } يعني عهدي { فاشهدوا } فليشهد بعضكم على بعض بالإقرار وأنا على ذلكم من إقراركم وشهادتكم من الشاهدين، وقيل: فاشهدوا فاعلموا ذلك، وقيل: فاشهدوا على أممكم وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم عن علي (عليه السلام)، وقيل: يشهد بعضكم على بعض، وقيل: قال الله تعالى لملائكته: اشهدوا عليهم { فمن تولى } أعرض بعد هذا العهد، وقيل: بعد الإقرار { فأولئك هم الفاسقون } الخارجون عن الإسلام، وقيل المتمردون في الكفر، قوله تعالى: { أفغير دين الله يبغون }
" روي أن أهل الكتاب اختصموا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما اختلفوا فيه من دين إبراهيم (عليه السلام) كل واحد من الفريقين ادعى أنه أولى به، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " كل الفريقين بريء من دين إبراهيم " فقالوا: ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك "
، فنزلت الآية { طوعا } بالنظر في الادلة والانصاف من النفس { وكرها } بالسيف أو بمعاينة ما يلجئ إلى الإسلام كنتق الجبل على بني إسرائيل وإدراك الغرق فرعون والاشفاء على الموت { ونحن له مسلمون } مخلصون أنفسنا له موحدون { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم } أي كيف يلطف بهم وليسوا من أهل اللطف { وشهدوا أن الرسول حق } وبعد ما جاءتهم الشواهد من القرآن وسائر المعجزات التي ثبت بمثلها النبوة وهم اليهود، كفروا بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن كانوا مؤمنين به، وقيل: نزلت في رهط كانوا أسلموا ثم رجعوا عن الإسلام ولحقوا بمكة { والله لا يهدي القوم الظالمين } يعني لا يلطف بالقوم الظالمين المعاندين الذين علم أن اللطف لا ينفعهم { إلا الذين تابوا من بعد ذلك } الكفر العظيم والارتداد { وأصلحوا } ما أفسدوا ودخلوا في الصلاح، قيل: نزلت في الحرث بن سويد حين ندم على ردته وأرسل إلى قومه أرسلوا هل لي من توبة، فأرسل إليه أخوه بالآية، فأقبل إلى المدينة فتاب وقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) توبته.
[3.90-97]
{ إن الذين كفروا } هم اليهود كفروا بعيسى والإنجيل بعد إيمانهم بموسى والتوراة { ثم ازدادوا كفرا } بكفرهم بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والقرآن وكفروا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن كانوا مؤمنين به قبل بعثه، وقيل: نزلت في الذين ارتدوا ولحقوا بدار الحرب { فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به } يعني جعله فدية، قوله تعالى: { لن تنالوا البر } أي لن تبلغوا حقيقة البر وهو الثواب { حتى تنفقوا مما تحبون } أي حتى تكون نفقتكم من أموالكم التي تحبونها، قوله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل } الآية قيل:
" نزلت لما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لليهود والنصارى: " أنا علي دين إبراهيم " قالوا: كيف وأنت تأكل لحم الإبل وتشرب ألبانها؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " كان ذلك حلالا لإبراهيم فنحن نحله " فقالت اليهود: كل شيء أصبحت اليوم تحرمه فإنه كان محرما على نوح وإبراهيم وهلم جرا حتى انتهى الينا "
अज्ञात पृष्ठ