، ذكر الكلام المتقدم في الكشاف، قال في الحاكم، قيل: اجتمع المشركون وقالوا: أترون أن محمدا سأل على ما يتعاطاه أجرا فنزلت الآية، وقيل: لما نزلت: { إلا المودة في القربى } ، قال قوم: يحث على مودة أقاربه من بعده فنزل جبريل فقال: اتهموك { ومن يقترف حسنة } أي يعمل طاعة { نزد له فيها حسنا } ، قيل: يثيبه ويزد له من فضله { إنه غفور } للذنوب { شكور } لمن أطاعه، يقبل القليل ويثيب عليه الجزيل.
[42.24-27]
{ أم يقولون } هؤلاء الكفار { افترى } محمد { على الله كذبا } فيما يقول أنه رسوله { فإن يشأ الله يختم على قلبك } ، قيل: يربط على قلبك حتى لا يشق عليك أذاهم، وقيل: يطبع على قلبك ينسيك القرآن، وهو زجر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وبيان للكفار أنه لا يفعل ما يقولون { ويمح الله الباطل } أي يزيله ويبطله { ويحق الحق بكلماته } أي يبينه وكلماته ما أثبته في الكتب { إنه عليم بذات الصدور } من حق أو باطل { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } عن المعاصي { ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات } ، قيل: معناه يجيب الله دعاء المؤمنين { ويزيدهم من فضله } ولا يجيب دعاء الكافرين، وقيل: يستجيب أي يقبل الله طاعتهم ويعطيهم ما يستحقون من الأجر، وقيل: الفعل للذين آمنوا، ثم اختلفوا فقيل: ولا يجيب المؤمنين ربهم فيما دعاهم، وقيل: يطيعونه فيما أمرهم به، وعن ابن عباس: والاستجابة الطاعة { والكافرون لهم عذاب شديد } أي دائم عظيم { ولو بسط الله الرزق لعباده } ، قيل: لو وسع عليهم برهم وفاجرهم، وقيل: بسط بحسب ما يطلبونه ويتمنونه { لبغوا في الأرض } أي ترفع كل أحد من درجته فيبغي بعضهم على بعض، وقيل: يعصوا الله تعالى، وقيل: لو رزق العباد من غير كسب لطغوا وسعوا في الأرض فسادا ولكن شغلهم بالكسب رحمة منه { ولكن ينزل بقدر ما يشاء } بقدر صلاحهم، وقيل: يجعل واحدا غنيا وواحدا فقيرا بحسب المصلحة { إنه بعباده خبير بصير } وقد روى أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن جبريل عن الله تعالى في حديث طويل:
" إن من عبادي من لا يصلحه إلا السقم، ولو صححته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة، ولو أسقمته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده، ذلك أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم "
ومتى قيل: فنحن نرى موسعا عليه شكور ومضيقا عليه يكفر، قالوا: لعل المضيق عليه يستوي حالته أو كان يزيد كفره لو أغناه والله أعلم بتفاصيل ذلك، وإنما نعلم أنه يغني ويفقر بحسب المصلحة على ما يقتضي علمه.
[42.28-39]
{ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته } لجميع خلقه { وهو الولي } ، قيل: الذي يتولى تدبير عباده، وقيل: الولي المالك للعباد { الحميد } المحمود { ومن آياته خلق السماوات والأرض } أحدثهما كما يشاء { وما بث فيهما من دابة } وهو ما يدب من الحيوانات { وهو على جمعهم } يوم الحشر { إذا يشاء قدير } { وما أصابتكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } من الأجرام، واختلفوا في المصائب، قيل: القحط والمرض وما أشبهه، وقيل: ما يصيب الكفار من الحدث من المسلمين، وقيل: العقوبات، وقيل: هو عام في كل المصائب، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ونكتة حجر إلا بذنب وما يعفو الله أكثر "
وعن عكرمة: ما من نكتة أصابت عبدا إلا بذنب لم يكن الله ليغفر له إلا بها، ودرجة لم يكن ليبلغها إلا بها، وقيل: المصائب يجوز أن تكون عقوبة للدنيا كالحدود ولذلك امتحن الأنبياء بالمصائب ولم تكن عقوبة { ويعفو عن كثير } أي ولا يؤاخذهم بكثير من أفعالهم بل يعفو عنها، وقيل: لولا العفو لهلك العالم لأن الذنب موجبه ولكن الله يعفوا أما بالتوبة أو بالطاعات، وعن علي (عليه السلام): " من عفى في الدنيا عفى الله عنه في الآخرة " ، وعنه: " هذه أرجى آية في القرآن " { وما أنتم بمعجزين في الأرض } بفائتين ما قضى عليكم من المصائب { وما لكم من دون الله من ولي } يلي أمركم { ولا نصير } ينجيكم من عذابه { ومن آياته الجوار في البحر } يعني السفن { كالأعلام } ، قيل: كالجبال تجريها الرياح { إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد } يعني السفن { على ظهره } ، قيل: على ظهر الماء { إن في ذلك } في ذكره خزائن والسفينة { لآيات لكل صبار شكور } كبير الصبر والشكر { أو يوبقهن بما كسبوا } يهلكهن، يعني السفن بالغرق إما بحبس الريح فلا تجري السفن أو يهلكها بالغرق بما عملوا من المعاصي فيهلكهم عقوبة لهم { ويعف عن كثير } من معاصيهم فلا يهلكهم إمهالا ورحمة { ويعلم الذين يجادلون } أي يعلم الذين يخاصمون بالباطل في رد آيات الله { ما لهم من محيص } أي ملجأ قيل: إذا سكن البحر وركدت السفن علم المجادل أنه لا محيص { فما أوتيتم } أعطيتم { من شيء } من نعم الدنيا تبتغون بها عاجلا { فمتاع الحياة الدنيا } أي منافع الدنيا { وما عند الله خير وأبقى } من ملاذ الدنيا لأنها باقية وهذه فانية { خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون } يفوضون أمرهم إليه { والذين يجتنبون كبائر الاثم } هو الشرك { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } أي هم الأحقاء بالغفران في حال الغضب، أي يتجاوزون، وقد تقدم الكلام في الكبائر، ومتى قيل: لم أضاف الكبائر إلى الإثم؟ قالوا: لوجهين: أحدهما أن الإثم صغيرا أو كبيرا عن أبي علي، وثانيهما ما يكون الإثم كله كبائر فيكون بمنزلة اضافة الصفة إلى الموصوف { والفواحش } كل قبيح، وقيل: الزنا { والذين استجابوا لربهم } أي أجابوا فيما دعاهم إليه من الدين { وأقاموا الصلاة } في أوقاتها { وأمرهم شورى بينهم } أي لا يعلمون إلا المشاورة أهل الدين { ومما رزقناهم ينفقون } مما أعطيناهم في وجوه البر { والذين إذا أصابهم البغي } لا يستسلمون بل يتناصرون ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وقيل: يتناصرون ممن يبغي عليهم من غير أن يعتدوا، ومتى قيل: أليس وصفوا في الآية الأولى بأنهم يغفرون؟ قالوا: ذلك في حقوق لا قصاص، وقيل: ذلك في حقوق نفسه كالأموال والحقوق وهذا في حقوق الله يفعله على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقيل: إذا غضب لدينه انتصر وإذا غضب لدنياه أو في حق نفسه غفر.
[42.40-46]
अज्ञात पृष्ठ