213

तफसीर

تفسير الأعقم

शैलियों

وقال الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا

[الأعراف: 75] إلى أن قالوا:

يا صالح ائتنا بما تعدنا

[الأعراف: 77] من العذاب فقال صالح: { يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة } ، قيل: بالعذاب قبل الرحمة، وقيل: السيئة العقوبة، والحسنة التوبة، وقيل: أنهم كانوا بجهلهم يقولون: أن العقوبة التي يعدها صالح إن وقعت بيننا حينئذ واستغفرنا مقدرين أن التوبة مقبولة في ذلك الوقت، وإن لم يقع فنحن على ما نحن عليه، فخاطبهم صالح على حسب قولهم واعتقادهم قال لهم: هلا { تستغفرون الله } قبل نزول العذاب { لعلكم ترحمون } { قالوا اطيرنا بك } أي تشاءمنا بك { وبمن معك } ممن هو على دينك، قيل: امسك عنهم المطر فحطموا فقالوا: هذا من شؤمك وشؤم أصحابك، ولم يعلموا أن ذلك شؤم كفرهم فقال صالح: { طائركم عند الله } مصائبكم، يعني ما يصيبكم من الخير والشر والخصب والجدب عند الله { بل أنتم قوم تفتنون } تعذبون أو يفتنكم الشيطان بوسوسته إليكم { وكان في المدينة تسعة رهط } يعني مدينة هود وهي الحجر { يفسدون } يعني تسعة نفر، وقيل: كانوا من أشرافهم، وروي أنهم الذين سعوا في عقر الناقة { قالوا تقاسموا بالله } أي تحالفوا بينهم، وقيل: لما آتاهم أمارات العذاب اجتمعوا وتقاسموا على قتله وقتل من معه من المؤمنين، وقيل: لما متعوا ثلاثة أيام فخافوا العذاب ودبروا في قتله فقالوا عند التحالف { لنبيتنه } ليلا ولنقتلنه { وأهله } الذين معه على دينه، ثم طلبوا عذرا عند أوليائه، وكانوا أهل شوكة فقالوا: { ثم لنقولن لوليه } ولي دمه { ما شهدنا مهلك أهله } أي إهلاكهم { وإنا لصادقون } في هذا العذر، قيل: لما اجتمعوا أتوا صالحا دفعهم الملائكة بالحجارة، وقيل: أخذتهم الصيحة { ومكروا مكرا } أي دبروا واحتالوا حتى قصدوا بيت صالح { ومكرنا مكرا } أي جازيناهم على مكرهم { وهم لا يشعرون } يعني لا يعلمون عاقبة أمرهم { فانظر } يا محمد أو أيها السامع { كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين } { فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا } يعني بيوت ثمود وهي بوادي الحجر بين المدينة والشام خاوية خربة خالية، وروي أنهم أهلكوا بالصيحة، وقيل: رموا بالحجارة { إن في ذلك لآية } لعبرة فيما تقدم من القصص { لقوم يعلمون } { وأنجنيا الذين آمنوا } من العذاب صالح ومن معه { وكانوا يتقون } الكفر والمعاصي { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون } أنها فاحشة { أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون } ، قيل: تجهلون الحق، وقيل: تجهلون العقوبة { فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون } عن إتيان الرجال { فأنجيناه وأهله } ومن آمن به، قوله تعالى: { إلا امرأته قدرناها } قضينا عليها، وقيل: كتبنا عليها { من الغابرين } الباقين في العذاب لأنها شاركتهم في الشرك ورضيت بفعلهم { وأمطرنا عليهم مطرا } وهي الحجارة، وقيل: مطر الغائب وخسف الحاضر في المدينة فهم يهوون إلى يوم القيامة عن الحسن { فساء مطر المنذرين } أي الكفار، قيل: الخطاب للوط، وقيل: للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: يحتمل لكل من سمع.

[27.59-68]

{ قل الحمد لله } على هلاك الأمم، وقيل: على ما علمك من هذه الأمور، وقيل: على نعمته دنيا ودينا { وسلام على عباده الذين اصطفى } أي اختار وهم الأنبياء اصطفاهم للرسالة، وقيل: الأنبياء والمؤمنين { آلله خير أما يشركون } يعني هو خير في أن يعبد أم الأصنام وهو الإله الذي ينفع ويضر خير من عبادة حجر لا ينفع ولا يضر، وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول عند قراءتها:

" بل الله خير وأبقى وأجل وأكرم "

{ أمن خلق السماوات والأرض } خير تقديرا لهم بأن من قدر على خلق العالم خير من جماد لا يقدر على شيء { وأنزل لكم من السماء ماءا فأنبتنا به حدائق ذات بهجة } أي أنبتنا بالمطر الأشجار ذات بهجة، أي ذات حسن { ما كان لكم أن تنبتوا شجرها } ما ها هنا للنفي، أي لا تقدرون على إنبات الأشجار { أإله مع الله } أي معبود معه يخلق مثل خلقه ويعينه، هذا استفهام والمراد الانكار، أي ليس معه إله يفعل هذا { بل هم قوم يعدلون } من الحق إلى الشرك، وقيل: يعدلون بالله غيره لجهلهم، يعني يثبتون من قولهم عدل يعدل عدلا إذا ساوى بين الشيئين { أمن جعل الأرض قرارا } أي مكانا تستوون { وجعل خلالها } أي وسطها { أنهارا } تجري من تحتها المياه { وجعل لها رواسي } أي جبالا ثوابت أي تميد بكم { وجعل بين البحرين حاجزا } أي بين العذب والمالح مانعا كيلا يختلط { أإله مع الله } أي معبود سواه يقدر على ذلك { بل أكثرهم لا يعلمون } الحق، لأنهم لم يتفكروا أمن يجيب المضطر إلى كذا والمضطر الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر إلى اللجوء والتضرع إلى الله، وعن ابن عباس: هو المجهود، وعن السدي: هو الذي لا حول له ولا قوة، وقيل: المذنب الذي يستغفره، قال جار الله: فإن قلت: قد جمع المضطرين بقوله: { أمن يجيب المضطر إذا دعاه } لكم من مضطر يدعو فلا يجاب؟ قلت: الإجابة موقوفة على أن يكون المدعو به مصلحة { ويكشف السوء } أي المغر والضيق { ويجعلكم خلفاء الأرض } خلفاء وذلك يورثهم سكناها والتصرف فيها قرن بعد قرن أو أراد بالخلافة الملك والتسليط { أإله مع الله } أي معبود سواه يقدر على ذلك { قليلا ما تذكرون } تذكرا قليلا، والمعنى كفى التذكر والقلة تستعمل في معنى النفي { أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر } بالنجوم في السماء والعلامات في الأرض إذا جن الليل عليكم مسافرين في البر والبحر { ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } أمام المطر { أإله مع الله } يقدر أن يفعل ذلك { تعالى الله عما يشركون } أي جل عن الشرك عما يزعمه المشركون ويصفوه { أمن يبدؤ الخلق } أي يحدثهم من العدم ابتداء ثم يعيدهم بعد الفناء للجزاء، يعني أنه المختص بالقدرة على ابتداء الأجسام وإعادتها فكان هو الله المعبود حقا { ومن يرزقكم من السماء والأرض } من السماء المطر ومن الأرض النبات { أإله مع الله } أي أإله سواه يفعل ذلك؟ { قل } يا محمد { هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } نزلت في اليهود حتى سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الساعة والغيب ما غاب عن الحواس ولا دليل عليه عقلا وسمعا، وقيل: هو ما لم يعلم ضرورة { وما يشعرون } يعني ما يعلمون متى يبعثون، قوله تعالى: { بل ادارك } قرأ ابن كثير وأبو عمرو بل ادارك بقطع الألف وسكون اللام، وقرأ نافع وحمزة بكسر اللام موصولة الألف { بل ادارك علمهم في الآخرة } ، قيل: علموا ذلك لما عاينوا حين لا ينفعهم مع شكهم في الدنيا ولو لم يعلموا في الدنيا يعلمون في الآخرة ضرورة، وقيل: بل غاب وضل عليهم في الآخرة فليس لهم بها علم بل هم في شك منها، قيل: معناه هلا أدرك علمهم في الآخرة أم هم في شك من القيامة { بل هم منها عمون } حيث تركوا آية التدبر والنظر { وقال الذين كفروا } ، قيل مشركو مكة { أءذا كنا ترابا } بعد الموت { وآباؤنا أئنا لمخرجون } { لقد وعدنا هذا } البعث { نحن وآباؤنا من قبل } محمد { إن هذا إلا أساطير الأولين } أحاديثهم وأكاذيبهم.

[27.69-81]

{ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين } الذين كفروا وعصوا الله { ولا تحزن عليهم } أي على تكذيبهم إياك وإعراضهم عنك فإن وباله يعود عليهم { ولا تك في ضيق مما يمكرون } أي لا يضيق صدرك بما يريدون في أمر الله فالله حافظك وناصرك { ويقولون متى هذا الوعد } يعني البعث { إن كنتم صادقين } في ذلك { قل } يا محمد { عسى أن يكون ردف لكم } ، قيل: تبعكم، وقيل: حضركم، وعسى من الله واجب إنه قريب سيأتيكم وهو القتل والأسر وفد امامهم يوم بدر، وقيل: عند الموت، وقيل: عذاب القبر، وقيل: يوم القيامة وعذاب النار { بعض الذي تستعجلون } من العذاب قوله تعالى: { وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون } نعمه { وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون } يعني أنه يعلم سرهم وعلانيتهم { وما من غائبة في السماء والأرض } يعني كل شيء غائب، وقيل: هو أفعال العباد، وقيل: أسرار الملائكة والجن والإنس { إلا في كتاب مبين } يعني أنه محفوظ عنده، وقيل: الكتاب اللوح المحفوظ، أي مثبت فيه مبين، وقيل: جميع أفعالهم محفوظة عنده { إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل } أي يخبرهم بالصدق { أكثر الذي هم فيه يختلفون } ، قيل: في أمر الأديان، وقيل: في أمر نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبرهم بسرائر أخبارهم وغوامضها معجزة له لما اطلعه الله عليها { وإنه لهدى } يعني القرآن أهدى دلالة على الحق، يهديكم يرشدكم، ويهديكم إلى الجنة لمن عمل به { ورحمة } أي نعمة { للمؤمنين } { إن ربك يقضي بينهم } بين المختلفين في الدين يوم القيامة { بحكمه } الذي لا يظلم فيه { وهو العزيز } القادر على ما يشاء لا يمتنع عليه شيء { العليم } بأموالهم { فتوكل على الله } في أمرك { إنك على الحق المبين } الواضح { إنك لا تسمع الموتى } يعني الكفار شبههم لقلة انتفاعهم بخبرك { ولا تسمع الصم الدعاء } شبههم بالأصم حيث لم يستعملوا ما ينتفعون به من الحق { إذا ولوا مدبرين } عن الحق { وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم } شبههم بالموتى ثم بالأصم الذين لا يسمعون وشبهوا بالعمي حيث لم يصل الطريق ولا يقدر أحد أن ينزع عنهم ويجعلهم هداة بصراء إلى الله عز وجل { إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون } منقادون يعني إنما يسمع الحق من قبله وانتفع به.

अज्ञात पृष्ठ