187

तफसीर

تفسير الأعقم

शैलियों

ترى الأكم فيها سجدا للحوافر

قيل: ما فيها من التسخير وآثار الصنعة يدعو إلى سجوده وعبادته فكأنه يسجد، وقيل: سجود المؤمن ما يفعله من العبادة، وسجود كل شيء سوى المؤمن سجود ظله حين تطلع الشمس وحين المغيب { وكثير من الناس } يسجد طوعا وهم المؤمنون { وكثير حق عليه العذاب } بإبائه السجود { ومن يهن الله فما له من مكرم } من معز ينجيه من العذاب ويدخله الجنة { هذان خصمان اختصموا في ربهم } الآية نزلت في ستة نفر برزوا يوم بدر وهم حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعتبة وشيبة إبنا ربيعة والوليد بن عتبة عن أبي ذر وعطاء ، وكان أبو ذر يقسم بالله أنها نزلت فيهم، وقيل: هم أهل الفرقان وأهل الكتاب اختصموا، وقالت كل فرقة: نحن أولى بالحق، وقيل: هم المؤمنون والكفار كلهم { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار } قيل: تجعل ثياب نحاس من نار وهي أشد ما يكون { يصب من فوق رؤوسهم الحميم } الماء الحار، عن ابن عباس: لو سقطت منه نطفة على جبال الدنيا لأذابتها { يصهر به ما في بطونهم } من الكبد والأفئدة والأمعاء والجلود { ولهم مقامع من حديد } سياط من حديد يضربون بها عقوبة لهم { كلما أرادوا } الخروج ضربتهم الخزنة بالمقامع، وفي الحديث:

" لو وضعت مقمعة منها في الأرض فاجتمع عليها الثقلان ما أقلوها "

وعن الحسن: أن النار تضربهم بلهبها فترفعهم حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا { وذوقوا عذاب الحريق } الغليظ من النار.

[22.23-27]

{ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور } وهي حلية اليد { ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير } يعني الديباج { وهدوا إلى الطيب من القول } وهداهم الله وألهمهم أن يقولوا الحمد الله الذي صدقنا وعده وهداهم إلى طريق الجنة، وقيل: هو الكلام الحسن فلا يسمعون في الجنة إلا ما يحبون، وقيل: هدوا في الدنيا إلى الطيب من القول وهو الإيمان { وهدوا } أرشدوا { إلى صراط الحميد } قيل: الدين، وقيل: طريق الجنة، قوله تعالى: { إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله } عن دينه، وقيل: عن الحج والعمرة { والمسجد الحرام } يعني ويصدون عن المسجد الحرام وهو الكعبة، وقيل: الحرم والأول والمراد نفس المسجد يستوي فيه جميع الخلق { سواء العاكف فيه والباد } ، قيل: هما سواء في تعظيم حرمته وقضاء النسك، وقيل: هما سواء في المنزل فليس أحد أولى بالمنزل من الآخر، وجزموا بهذا دون مكة وكرهوا إجارتها أيام الموسم عن ابن عباس وسعيد بن جبير، العاكف المقيم، والباد الجاي إليه من الآفاق { ومن يرد فيه بإلحاد } الإلحاد العدول عن القصد { بظلم نذقه من عذاب أليم } ، قيل: الإلحاد في الحرم منع الناس عن عمارته، وعن عطاء قول الرجل في المبايعة لا والله بلى والله، وكل من ارتكب ذنبا فهو كذلك { وإذ بوأنا لإبراهيم }. قال جار الله: واذكر حين جعلنا لإبراهيم { مكان البيت } ودللناه عليه قيل: أراه جبريل مكانه لأنه رفع إلى السماء أيام الطوفان وكان من ياقوتة حمراء فأعلم الله إبراهيم مكانه { وطهر بيتي } من الأصنام والأوثان والأقذار أن يطرح حوله { للطائفين } أي من يطوف بالبيت { والقائمين } في الصلاة { والركع السجود } لمن يعبد الله ويخضع { وأذن في الناس بالحج } ناد فيهم، والنداء بالحج أن يقول: حجوا وعليكم بالحج، وروي أنه صعد أبا قبيس فقال: " يا أيها الناس حجوا بيت ربكم " وعن الحسن: أنه خطاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع { يأتوك رجالا } جمع راجل كقائم وقيام { وعلى كل ضامر } أي راكب على كل ضامر وهو البعير المهرول وقد أضمره طول الطريق { يأتين من كل فج عميق } أي طريق بعيد، والعميق يقال بئر بعيد العمق.

[22.28-31]

{ ليشهدوا منافع لهم } التجارات، وقيل: التجارة في الدنيا والآخرة، وقيل: منافع العفو والمغفرة { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } ، قيل: المعلومات عشر ذي الحجة، والمعدودات أيام التشريق، وسميت معدودات لقلتها، فأما الذكر فقيل: هو التسمية عند الذبح، وقيل: التكبير { على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } ، قال جار الله: البهيمة مبهمة في كل ذات أربع في البر والبحر فثبتت في الأنعام وهي البقر والغنم والإبل والضأن والمعز { فكلوا } إباحة وليس بواجب { منها } من بهيمة الأنعام، وقيل: هي الهدايا، وقيل: بل يأكل المضحي وإن قل، والأول { وأطعموا البائس } الذي أصابه بؤس أي شدة، وقيل: البائس الزمن { والفقير } المحتاج { ثم ليقضوا تفثهم } ، قيل: مناسك الحج كلها، قال جار الله: قص الشارب والأظفار ونتف الابط والاستحداد، والتفث الوسخ، والمراد قضاء إزالة التفث { وليوفوا نذورهم } مواجيب حجهم أو ما عسى أن يذروه من أعمال البر في حجهم { وليطوفوا } طواف الإفاضة، وهو طواف الزيادة الذي هو أركان الحج ويقع به تمام التحلل { العتيق } لأنه أول بيت وضع للناس، وعن قتادة: أعتق عن الجبابرة كم من جبار سار إليه لهدمه فمنعه الله، وعن مجاهد: لم يملك قط، وعنه: أعتق عن الغرق، وقيل: بيت كريم، قال جار الله: فإن قلت: قد سلط عليه الحجاج فلم يمنع، قلت: ما قصد التسليط على البيت وإنما تحصن به إلى ابن الزبير رحمه فاحتال لإخراجه ثم بناه، ولما تسلط أبرهة فعل ما فعل { ذلك ومن يعظم حرمات الله } قال جار الله: وهو ما لا يحل هتكه وجميع ما كلفه الله عز وجل بهذه الصفة من مناسك الحج وغيرها، فيحتمل أن يكون عاما في جميع تكاليفه، ويحتمل أن يكون خاصا فيما يتعلق بالحج، وعن زيد بن اسلم: الحرمات خمس الكعبة الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام، والمحرم حتى يحل { وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم } والمعنى أن الله يداخل لكم الأنعام كلها إلا ما يتلى عليكم في سورة المائدة

حرمت عليكم الميتة والدم

[المائدة: 3] الآية { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } يعني عبادة الأوثان وتعظيمها، يعني عظموا الله فإنه أهل التعظيم، وإنما سماه رجسا تشبيها لأنه يجب اجتنابه، وقيل: كانوا يلطخونها بالدم، قال جار الله: فكأنه قيل: اجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان { واجتنبوا قول الزور } ، قيل: الكذب، وقيل: تلبية المشركين إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، وقيل: قولهم هذا حلال وهذا حرام وما أشبه ذلك من افترائهم، وقيل: شهادة الزور، وقيل: البهتان والكذب { ومن يشرك بالله فكأنما } الآية، قال جار الله: تشبيها مركبا فكأنه قال: من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده مصورة حال من { خر من السماء } فاختطفه الطير فتفرق مسرعا في حواصلها، أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المطارح البعيدة، وإن كان مفرقا فقد شبه الايمان في علوه بالسماء، والذي ترك الإيمان بالله واختار الشرك بالساقط من السماء.

अज्ञात पृष्ठ