517

" للقرآن ظهرا وبطنا، ولبطنه بطنا إلى سبعة أبطن "

على ما نطق به الحديث الصحيح، صلوات الله على قائله وسلامه.

وإياك إياك أن تقنع منه بألفاظه ومنطوقاته التي تعرفها عوام العرب، أو تقنع منه بالخواص والمزايا التي تعرفها أرباب اللسن منهم، بل لك أن تلاحظ على الوجه المذكور إلى أن صار علمك المتعلق به لدنيا ذوقيا خاليا، بحيث تسمعه من قلبك، وتفهمه بقلبك بلا وسائل الألفاظ والحروف الجارية على لسانك؛ إذ الألفاظ والحروف إنما هي من جملة الحجب الغليظة عند أولي الألباب الناظرين في لب القرآن، فحينئذ فزت بحظك منه، ونلت نصيبك من هدايته وإرشاده.

رب هب لي بفظلك من خزائن جودك التي أودعتها في كتابك الكريم، إنك أنت الوهاب الملهم بالخير والصواب.

[28 - سورة القصص]

[28.1-6]

{ طسم } [القصص: 1] يا طالب السعادة المؤبدة المخلدلة، ويا طيب الطينة، وسالم السر والسريرة المنيرة، المقدس عن المكدرات الطبيعية المورثة لأنواع الجهالات الضلالات المنافية لصفاء مشرب التوحيد.

{ تلك } الآيات المتلوة عليك يا أكمل الرسل من هذه الصورة الحاكية عن قصص إخوانك من الأنبياء والرسل - صلوات الله عليهم أجمعين - { آيات الكتاب المبين } [القصص: 2] أي: نبذ مما ثبت في لوح القضاء وحضرة العلم الإلهي الظاهر إحاطته وشموله لجميع ما لاح عليه شروق شمس الوجود.

{ نتلوا عليك } ونحكي لك يا أكمل الرسل { من نبإ } أخيك { موسى } الكليم { وفرعون } المستكبر المستعلي، المفرط في العتو والعناد، إنما أنزلته إليك هذا ملتبسا { بالحق } المطابق للواقع مع كونك خال الذهن عنه وعن أمثاله؛ لكونك أميا لا تقدر على مطالعة كتب التواريخ؛ وإنما أنزلناه لتكون آية ودليلا لك على صدك في دعواك { لقوم يؤمنون } [القصص: 3] ويصدقون رسالتك ونبوتك.

وذكل { إن فرعون } المفسد المسرف { علا في الأرض } أي: أرض مصر، وترقى أمره إلى حيث تفوه بأنا ربكم الأعلى { و } من كمال علوه واستكباره { جعل أهلها } أي: أهل مصر ومن يسكنون حولها { شيعا } أي: فرقا وأحزابا يشايعونه لدى الحاجة ويزدحمون عليه عند الإرادة طوعا وكرها.

अज्ञात पृष्ठ