182

{ قال } أيضا على مقتضى شفقة النبوة لعلهم يتنبهوا: { يقوم ليس بي ضللة } كما تخليتم من جهلكم { ولكني رسول } هاد لكم مرسل { من رب العلمين } [الأعراف: 61] الذي أوجدكم ورباكم بأنواع التربية؛ حتى تعترفوا بربوبيته وتقروا بتوحيده.

وإنما جئت لكم { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم } بآياته سبحانه؛ حتى تفوزوا من عنده بالمثوبة العظمى والمرتبة العليا بإهدائي وإرشادي { و } لا تضعفوني ولا تنسبوني إلى الجهل والسفه، إني { أعلم من الله } بتوفيقه وحيه وجذب من جانبه { ما لا تعلمون } [الأعراف: 62].

{ أو عجبتم } من { أن جآءكم ذكر } موعظة وتذكير لإرشادكم { من ربكم على } لسان { رجل منكم لينذركم } به عن الكفر والمعاصي ووخامة عاقبتهما { ولتتقوا } عن محارم الله بسبب إنذاره وتخويفه { ولعلكم ترحمون } [الأعراف: 63] بإثبات مأموراته وترك منهياته؛ عناية وتفضلا.

{ فكذبوه } بعدما ضعفوه ونسبوه إلى الضلال، فانتقمنا منهم وأخذناهم بالطوفان { فأنجيناه و } المؤمنين { الذين معه } حال كونهم متمكنين { في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنآ } المنزلة على رسولنا { إنهم كانوا قوما عمين } [الأعراف: 64] غير مستبصرين بآيات الله الدالة على توحيده؛ لعمي قلوبهم وفسادهم وعمههم في الغفلة الضلال.

[7.65-68]

{ و } أرسلنا أيضا { إلى } قوم { عاد } حين خرجوا عن ربقة الإيمان وعرى التقوى { أخاهم هودا } أضافه إليهم بالأخوة؛ لكمال الشفقة ووفور الأعطاف { قال } مناديا لهم مضيفا لهم إلى نفسه؛ ليقبلوا قوله ويمتثلوا بما جاء به من ربه: { ياقوم اعبدوا الله } المظهر الموجد لكم من كتم العدم ورباكم بأنواع اللطف والكرم، واعتقدوا يقينا أنه { ما لكم من إله } موجد مرب { غيره } فعليكم أن تعبدون إيمانا به وعملا بما جاء عنده لأنبيائه حتى يتحققوا بمقر التوحيد، أتنكرون وحدة الحق وتعبدون غيره من الآلهة الباطلة { أفلا تتقون } [الأعراف: 65] عن بشطه وأخذه؟!

فلما سمعوا منه ما سمعوا { قال } الأشراف { الملأ الذين كفروا من قومه } - إذ بعض الأشراف آمن به كمرثد بن سعد -: { إنا لنراك في سفاهة } عظيمة في دعوة الإرشاد والتكميل { وإنا لنظنك } في ادعاء الرسالة والنبوة { من الكاذبين } [الأعراف: 66].

{ قال يقوم } لا ستفهوني؛ إذ { ليس بي سفاهة ولكني رسول } أرسل إ ليكم لإهدائكم { من رب العلمين } [الأعراف: 67].

جئتكم { أبلغكم رسلت ربي وأنا لكم ناصح أمين } [الأعراف: 68] فعليكم أن تتعظوا بنصحي وتتصفوا بما نصحت لكم بإلهام الله ووحيه لتكونوا من زمرة المؤمنين الموقنين.

[7.69-70]

अज्ञात पृष्ठ