तफ़सीर
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
अन्वेषक
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
प्रकाशक
دار طيبة للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الرابعة
प्रकाशन वर्ष
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
مَوْتُهُ قَتَلَهُ لِيَرِثَهُ، وَحَمَلَهُ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى وَأَلْقَاهُ بِفِنَائِهِمْ، ثُمَّ أَصْبَحَ يَطْلُبُ ثَأْرَهُ وَجَاءَ بِنَاسٍ إِلَى مُوسَى يَدَّعِي عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ، فَسَأَلَهُمْ مُوسَى فَجَحَدُوا، وَاشْتَبَهَ أَمْرُ الْقَتِيلِ عَلَى مُوسَى، قَالَ الْكَلْبِيُّ: وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْقَسَامَةِ (١) فِي التَّوْرَاةِ، فَسَأَلُوا مُوسَى أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ بِدُعَائِهِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴿قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ أَيْ: تَسْتَهْزِئُ بِنَا، نَحْنُ نَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِ الْقَتِيلِ وَتَأْمُرُنَا بِذَبْحِ الْبَقَرَةِ!! وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فِي الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَدْرُوا مَا الْحِكْمَةُ فِيهِ، قَرَأَ حَمْزَةُ هُزُوًا وَكُفُوًا بِالتَّخْفِيفِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّثْقِيلِ، وَبِتَرْكِ الْهَمْزَةِ حَفْصٌ ﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿أَعُوَذُ بِاللَّهِ﴾ أَمْتَنِعُ بِاللَّهِ ﴿أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ أَيْ مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَقِيلَ: مِنَ الْجَاهِلِينَ بِالْجَوَابِ لَا عَلَى وَفْقِ السُّؤَالِ لِأَنَّ الْجَوَابَ لَا عَلَى وَفْقِ السُّؤَالِ جَهْلٌ، فَلَمَّا عَلِمَ (الْقَوْمُ) (٢) أَنَّ ذَبْحَ الْبَقَرَةِ عَزْمٌ مِنَ اللَّهِ ﷿ اسْتَوْصَفُوهَا، وَلَوْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى أَدْنَى بَقَرَةٍ فَذَبَحُوهَا لَأَجْزَأَتْ عَنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ تَحْتَهُ حِكْمَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ صَالِحٌ لَهُ (ابْنٌ) (٣) طِفْلٌ وَلَهُ عِجْلَةٌ أَتَى بِهَا إِلَى غَيْضَةٍ (٤) وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ هَذِهِ الْعِجْلَةَ لِابْنِي حَتَّى تَكْبُرَ، وَمَاتَ الرَّجُلُ فَصَارَتِ الْعِجْلَةُ فِي الْغَيْضَةِ عَوَانًا (٥)، وَكَانَتْ تَهْرُبُ مِنْ كُلِّ مَنْ رَآهَا فَلَمَّا كَبُرَ الِابْنُ وَكَانَ بَارًّا بِوَالِدَتِهِ، وَكَانَ يُقَسِّمُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ يُصَلِّي ثُلْثًا وَيَنَامُ ثُلْثًا وَيَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِ أُمِّهِ ثُلْثًا، فَإِذَا أَصْبَحَ انْطَلَقَ فَاحْتَطَبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَأْتِي بِهِ إِلَى السُّوقِ فَيَبِيعُهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِثُلْثِهِ، وَيَأْكُلُ ثُلْثَهُ، وَيُعْطِي وَالِدَتَهُ ثُلْثَهُ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ يَوْمًا: إِنَّ أَبَاكَ وَرَّثَكَ عِجْلَةً اسْتَوْدَعَهَا اللَّهَ فِي غَيْضَةِ كَذَا فَانْطَلِقْ وَادْعُ إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَنْ يردها عليك ١٣/ب وَعَلَامَتُهَا أَنَّكَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَا يُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّ شُعَاعَ الشَّمْسِ يَخْرُجُ مِنْ جِلْدِهَا، وَكَانَتْ تُسَمَّى الْمُذَهَّبَةَ لِحُسْنِهَا وَصُفْرَتِهَا، فَأَتَى الْفَتَى الْغَيْضَةَ فَرَآهَا تَرْعَى فَصَاحَ بِهَا وَقَالَ: أَعْزِمُ بِإِلَهِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَبَضَ عَلَى عُنُقِهَا يَقُودُهَا، فَتَكَلَّمَتِ الْبَقَرَةُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتْ: أَيُّهَا الْفَتَى الْبَارُّ بِوَالِدَتِكَ ارْكَبْنِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَهْوَنُ عَلَيْكَ، فَقَالَ الْفَتَى: إِنَّ أُمِّي لَمْ تَأْمُرْنِي بِذَلِكَ وَلَكِنْ قَالَتْ: خُذْ بِعُنُقِهَا، فَقَالَتِ الْبَقَرَةُ: بِإِلَهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَوْ رَكِبْتَنِي مَا كُنْتَ تَقْدِرُ عَلَيَّ أَبَدًا، فَانْطَلِقْ فَإِنَّكَ لَوْ أَمَرْتَ الْجَبَلَ أَنْ يَنْقَلِعَ مِنْ أَصْلِهِ وَيَنْطَلِقَ مَعَكَ لَفَعَلَ لِبِرِّكَ بِأُمِّكَ، فَسَارَ الْفَتَى بِهَا إِلَى أُمِّهِ فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّكَ فَقِيرٌ لَا مَالَ لَكَ فَيَشُقُّ عَلَيْكَ الِاحْتِطَابُ بِالنَّهَارِ وَالْقِيَامُ بِاللَّيْلِ فَانْطَلِقْ فَبِعْ هَذِهِ الْبَقَرَةَ، قَالَ: بِكَمْ أَبِيعُهَا؟ قَالَتْ: بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ وَلَا تَبِعْ بِغَيْرِ مَشُورَتِي وَكَانَ ثَمَنُ الْبَقَرَةِ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى السُّوقِ، فَبَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا لِيُرِيَ خَلْقَهُ قُدْرَتَهُ وَلِيَخْتَبِرَ الْفَتَى كَيْفَ بَرَّ بِوَالِدَتِهِ، وَكَانَ اللَّهُ بِهِ خَبِيرًا فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: بِكَمْ تَبِيعُ هَذِهِ الْبَقَرَةَ؟ قَالَ: بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ وَأَشْتَرِطُ عَلَيْكَ رِضَى وَالِدَتِي فَقَالَ الْمَلَكُ: لَكَ سِتَّةُ دَنَانِيرَ وَلَا تَسْتَأْمِرْ وَالِدَتَكَ فَقَالَ الْفَتَى: لَوْ أَعْطَيْتَنِي وَزْنَهَا ذَهَبًا لَمْ آخُذْهُ إِلَّا بِرِضَى أُمِّي فَرَدَّهَا إِلَى أُمِّهِ فَأَخْبَرَهَا بِالثَّمَنِ فَقَالَتِ: ارْجِعْ فَبِعْهَا بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ عَلَى رِضًى مِنِّي فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى السُّوقِ وَأَتَى الْمَلَكَ فَقَالَ: اسْتَأْمَرْتَ أُمَّكَ فَقَالَ الْفَتَى: إِنَّهَا أَمَرَتْنِي أَنْ لَا أَنْقُصَهَا عَنْ سِتَّةٍ عَلَى أَنْ أَسْتَأْمِرَهَا فَقَالَ الْمَلَكُ: فَإِنِّي أُعْطِيكَ اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى أَنْ لَا تَسْتَأْمِرَهَا، فَأَبَى الْفَتَى، فَرَجَعَ إِلَى أُمِّهِ فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ إِنَّ الَّذِي يَأْتِيكَ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ لِيَخْتَبِرَكَ فَإِذَا أَتَاكَ فَقُلْ لَهُ: أَتَأْمُرُنَا أَنَّ نَبِيعَ هَذِهِ الْبَقَرَةَ أَمْ لَا؟ (فَفَعَلَ) (٦) فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ وَقُلْ لَهَا أَمْسِكِي هَذِهِ الْبَقَرَةَ فَإِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ ﵇ يَشْتَرِيهَا مِنْكِ لِقَتِيلٍ يُقْتَلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَا تَبِيعُوهَا إِلَّا بِمِلْءِ مَسْكِهَا دَنَانِيرَ، فَأَمْسَكُوهَا، وَقَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ذَبْحَ تِلْكَ الْبَقَرَةِ بِعَيْنِهَا فَمَا زَالُوا يَسْتَوْصِفُونَ مُوسَى حَتَّى وَصَفَ لَهُمْ تِلْكَ الْبَقَرَةَ، مُكَافَأَةً لَهُ عَلَى بِرِّهِ بِوَالِدَتِهِ فَضْلًا مِنْهُ وَرَحْمَةً (فَذَلِكَ) (٧)
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (٦٨) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ﴾ أَيُ (مَا صِفَتُهَا) (٨) ﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿إِنَّهُ يَقُولُ﴾ يَعْنِي فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى فَقَالَ: إِنَّهُ، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ﴿إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ﴾ أَيْ لَا كَبِيرَةٌ وَلَا صَغِيرَةٌ، وَالْفَارِضُ الْمُسِنَّةُ الَّتِي لَا تَلِدُ، يُقَالُ مِنْهُ: فَرَضَتْ تَفْرِضُ فُرُوضًا، وَالْبِكْرُ الْفَتَاةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ قَطُّ، وَحُذِفَتِ (الْهَاءُ) (٩) مِنْهُمَا لِلِاخْتِصَاصِ بِالْإِنَاثِ كَالْحَائِضِ (عَوَانٌ) وَسَطٌ نِصْفٌ ﴿بَيْنَ ذَلِكَ﴾ أَيْ بَيْنِ السِّنِينَ يُقَالُ عَوَّنَتِ الْمَرْأَةُ تَعْوِينًا: إِذَا زَادَتْ عَلَى الثَّلَاثِينَ، قَالَ الْأَخْفَشُ (الْعَوَانُ: الَّتِي لَمْ تَلِدْ قَطُّ، وَقِيلَ:) (١٠) الْعَوَانُ الَّتِي نَتَجَتْ مِرَارًا وَجَمْعُهَا عَوْنٌ ﴿فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ﴾ ذَبْحُ الْبَقَرَةِ وَلَا تُكْثِرُوا السُّؤَالَ
﴿قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَدِيدَةُ الصُّفْرَةِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: صَافٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ: الصَّفْرَاءُ السَّوْدَاءُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَسْوَدُ فَاقِعٌ إِنَّمَا يُقَالُ: أَصْفَرُ فَاقِعٌ، وَأَسْوَدُ (حَالِكٌ) (١١) وَأَحْمَرُ قَانِئٌ، وَأَخْضَرُ ناضر، وأبيض بقق لِلْمُبَالَغَةِ، ﴿تَسُرُّ
(١) الأيمان تقسم على أولياء القتيل الذين ادعوا الدم. (٢) في الأصل: الناس. (٣) من ب. (٤) الشجر الملتف. (٥) متوسط في السن بين الصغر والكبر. (٦) من ب. (٧) من ب. (٨) في ب: سنها. (٩) من ب. (١٠) ساقط من (ب) من المطبوع. (١١) في الأصل كالح.
1 / 106