96

तफ़सीर

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

अन्वेषक

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

प्रकाशक

دار طيبة للنشر والتوزيع

संस्करण संख्या

الرابعة

प्रकाशन वर्ष

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ وَقَدْ ذَكَرَ فِي ابْتِدَاءِ الْآيَةِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾؟ قِيلَ: اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْآيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عَلَى التَّحْقِيقِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ قَوْمٌ: هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَهُمْ طُلَّابُ الدِّينِ مِثْلَ حَبِيبٍ النَّجَّارِ، وَقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ، وَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَوَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَالْبَرَاءِ السِّنِّيِّ، وَأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَبَحِيرَا الرَّاهِبِ، وَوَفْدِ النَّجَاشِيِّ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ ﷺ (وَبَايَعَهُ) (١)، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ. وَقِيلَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَقِيلَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى دِينِ مُوسَى ﵇، وَلَمْ يُبَدِّلُوا، وَالنَّصَارَى، الَّذِينَ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى ﵇ وَلَمْ يُغَيِّرُوا وَمَاتُوا عَلَى ذَلِكَ، قَالُوا: وَهَذَانِ الِاسْمَانِ لَزِمَاهُمْ زَمَنَ مُوسَى وَعِيسَى ﵉ حَيْثُ كَانُوا عَلَى الْحَقِّ، كَالْإِسْلَامِ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَالصَّابِئُونَ زَمَنَ اسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ ﴿مَنْ آمَنَ﴾ أَيْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ بِالْمُوَافَاةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ مُضْمَرًا أَيْ: وَمَنْ آمَنَ بَعْدَكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمَذْكُورِينَ بِالْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الَّذِينَ آمَنُوا بِالْأَنْبِيَاءِ الْمَاضِينَ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِكَ وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِمُ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ اعْتَقَدُوا الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ بَعْدَ التَّبْدِيلِ وَالصَّابِئُونَ بَعْضُ أَصْنَافِ الْكُفَّارِ ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ هَذِهِ الْأَصْنَافُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ ﴿مَنْ﴾ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكِّرِ وَالْمُؤَنَّثِ ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ فِي الْآخِرَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ عَهْدَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ الْجَبَلَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَقِيلَ: مَا مِنْ لُغَةٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لُغَةٌ غَيْرُ لُغَةِ الْعَرَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ وَإِنَّمَا هَذَا وَأَشْبَاهُهُ وَقَعَ وِفَاقًا بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ (٢)، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَبَلًا مِنْ جِبَالِ فِلَسْطِينَ فَانْقَلَعَ مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى ﵇ فَأَمَرَ مُوسَى قَوْمَهُ أَنْ يَقْبَلُوهَا وَيَعْمَلُوا بِأَحْكَامِهَا فَأَبَوْا أَنْ يَقْبَلُوهَا لِلْآصَارِ (٣) وَالْأَثْقَالِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَكَانَتْ شَرِيعَةً ثَقِيلَةً فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ ﵇ فَقَلَعَ جَبَلًا عَلَى قَدْرِ عَسْكَرِهِمْ، وَكَانَ فَرْسَخًا فِي فَرْسَخٍ، فَرَفَعَهُ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ مِقْدَارَ قَامَةِ الرَّجُلِ كَالظُّلَّةِ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ تقبلوا التوراة التي أَرْسَلْتُ هَذَا الْجَبَلَ عَلَيْكُمْ، وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عنهما: رفع ١٣/أاللَّهُ فَوْقَ رُءُوسِهِمُ الطُّورَ، وَبَعَثَ نَارًا مِنْ قِبَلِ وُجُوهِهِمْ، وَأَتَاهُمُ الْبَحْرُ الْمَالِحُ مِنْ خَلْفِهِمْ

(١) في ب: تابعه. (٢) انظر أقوال العلماء فيما وقع في القرآن بغير لغة العرب، الإتقان للسيوطي ٢ / ١٢٥.. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. (٣) جمع إصر: وهو هنا بمعنى العهد والميثاق، وقد يأتي بمعنى الإثم والعقوبة.

1 / 103