तफ़सीर
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
अन्वेषक
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
प्रकाशक
دار طيبة للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الرابعة
प्रकाशन वर्ष
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
لِلَّهِ، فَجَعَلَهَا جِهَادًا، ﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ﴾ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ عَلَى رَجَاءِ الرَّحْمَةِ ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)﴾
﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ الْآيَةَ، نَزَلَتْ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﵄ وَنَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فَإِنَّهُمَا مَذْهَبَةٌ لِلْعَقْلِ مَسْلَبَةٌ لِلْمَالِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ (١) .
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ عَلَى مَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعَ آيَاتٍ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ وَهِيَ: "وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا" (٦٧-النَّحْلِ) فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَشْرَبُونَهَا وَهِيَ لَهُمْ حَلَالٌ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ نَزَلَتْ فِي مَسْأَلَةِ عُمْرَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ" فَتَرَكَهَا قَوْمٌ لِقَوْلِهِ ﴿إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ وَشَرِبَهَا قَوْمٌ لِقَوْلِهِ ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ إِلَى أَنْ صَنَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا فَدَعَا نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَتَاهُمْ بِخَمْرٍ فَشَرِبُوا وَسَكِرُوا، وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَقَدَّمُوا بَعْضَهُمْ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ فَقَرَأَ "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ" هَكَذَا إِلَى آخِرِ السُّورَةِ بِحَذْفِ "لَا" فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ" (٤٣-النِّسَاءِ) فَحَرَّمَ السُّكْرَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَرَكَهَا قَوْمٌ، وَقَالُوا لَا خَيْرَ فِي شَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ، وَتَرَكَهَا قَوْمٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَشَرِبُوهَا فِي غَيْرِ حِينِ الصَّلَاةِ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَشْرَبُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَيُصْبِحُ وَقَدْ زَالَ عَنْهُ السُّكْرُ، وَيَشْرَبُ بَعْدَ صلاة الصبح فيصحوا إِذَا جَاءَ وَقْتُ الظُّهْرِ، وَاتَّخَذَ عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ صَنِيعًا وَدَعَا رِجَالًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَانَ قَدْ شَوَى لَهُمْ رَأْسَ بَعِيرٍ، فَأَكَلُوا مِنْهُ وَشَرِبُوا الْخَمْرَ حَتَّى أَخَذَتْ مِنْهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمُ افْتَخَرُوا عِنْدَ ذَلِكَ (وَانْتَسَبُوا) (٢) وَتَنَاشَدُوا الْأَشْعَارَ، فَأَنْشَدَ سَعْدٌ قَصِيدَةً فِيهَا هِجَاءٌ لِلْأَنْصَارِ وَفَخْرٌ لِقَوْمِهِ فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِحْيَ الْبَعِيرِ فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ سَعْدٍ فَشَجَّهُ مُوضِحَةً (٣) فَانْطَلَقَ سَعْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَشَكَا إِلَيْهِ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا
(١) انظر: الوسيط للواحدي: ١ / ٣١٦، أسباب النزول ص (١٠٢-١٠٣) المستدرك للحاكم: ٢ / ٢٧٨. (٢) من (ب) . (٣) الشجة بالرأس تكشف العظم.
1 / 249