قيل: لأن القول استحبار، وقوله: " والأرض " ليس بداخل في الاستخبار، لأنه لو كان استخبارًا لقال: أم الأرض، لكنه استأنفه، فأضمر له فعلًا نحو: ﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ﴾، ذلك الفعل ما دل عليه (أنتم أشد) من التعرف، وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ فالاستواء وإن كان في الأصل للإقبال الدال على الانتقال، فقد يراد به التوفر على إصلاح الشيء، وهو المراد ههنا، وعلى ذلك الاتيان في نحو قوله: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾، ويكون اللفظ متجوزًا [به] ههنا، قال بعضهم: معناه: استولى وقال الحسن: أقبل على خلقه، وقال ابن عباس ﵄ استوى أمره عليه، وقيل معنى: (سَوَّاهُنَّ) أي تحرى السواء، أي العدالة وذلك لما جعل فيها من التركيب المتعادل المشار إليه بقول النبي ﷺ: " بالعدل قامت السماوات "،
إن قيل: لم ذكر السماء ثم قال: (فَسوَاهُنَّ).
قيل: لما عنى بالسماء السموات رد الضمير إلى المعنى، ومجاز ذلك أن الأسماء على ضربين: اسم موضوع لأجزاء الرجل والمرأة متشابهة، نحو: الدم، واللحم، والماء، والأرض، واسم موضوع لأجزاء غير متشابهة، نحو: اليد، والرجل، فما كان من الأول، فإنه يقع على بعضه اسم كله، فلا فرق بين أن يذكر بلفظ واحد، أو بلفظ الجمع.
والسماء من هذا الباب، لأنه يقال لأقطاع اللحم لحم، ولكل قطعة منها منفصلة كانت أو متصلة لحم كذلك السماء، والله أعلم.