قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وسطا﴾ أَي: عدلا؛ يَعْنِي: أمة مُحَمَّد ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس﴾ يَوْم الْقِيَامَة بِأَن الرُّسُل قد بلغت قَومهَا عَنْ رَبهَا ﴿وَيَكُونَ الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا﴾ أَنَّهُ قد بلغ رِسَالَة ربه إِلَى أمته؛ وَهَذَا تَفْسِير قَتَادَة.
قَالَ مُحَمَّد: وَأنْشد بَعضهم:
(هُم وسط يرضى الْأَنَام بحكمهم ... إِذا نزلت إِحْدَى اللَّيَالِي بمعظم)
يَعْنِي: بوسط: عدلا خيارا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا﴾ يَعْنِي: بَيت الْمُقَدّس ﴿وَإِلَّا لنعلم﴾ يَعْنِي: علم الفعال ﴿مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذين هدى الله﴾ يَعْنِي: صرف الْقبْلَة، قَالَ قَتَادَة: «كَانَت الْقبْلَة فِيهَا بلَاء وتمحيص، صلى رَسُول اللَّهِ ﷺ مُدَّة أقامته بِمَكَّة إِلَى بَيت الْمُقَدّس، وصلت الْأَنْصَار نَحْو بَيت الْمُقَدّس حَوْلَيْنِ قبل قدوم النَّبِي ﵇ إِلَى الْمَدِينَة، وَصلى النَّبي ﷺ بعد قدومه الْمَدِينَة نَحْو بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا، ثمَّ وَجهه اللَّهُ ﷿ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْكَعْبَة؛ فَقَالَ قَائِلُونَ: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ لَقَد اشتاق الرجل إِلَى مولده».
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضيع إيمَانكُمْ﴾ يَعْنِي: صَلَاتكُمْ إِلَى بَيت الْمُقَدّس، قَالَ قَتَادَة: لما صرفت الْقبْلَة قَالَ قوم: كَيفَ بأعمالنا الَّتي كُنَّا